قاسم س. قاسممرّ الخبر الصاعقة على الوسائل الإعلامية، «رئيس الجمهورية يوقّع مرسوم الإعفاء عن يوسف شعبان»، بكت الأم، مرّ أسبوع على وقوفها أمام الوسائل الإعلامية، اعتصمت الجمعة الماضي في ساحة القدس في مخيم برج البراجنة مطالبةً بإطلاق سراح ولدها.
أمس، لم يكن المشهد مختلفاً، الوالدة تستعد لاعتصامها المعتاد بعد كل صلاة جمعة، أما شقيقه إبراهيم فكان يُعدّ الأعلام واللوحات للتذكير بقضية يوسف. لكن خلال لحظات قليلة، تغيّر كل شيء، بعد أن ورد اتصال من محامية شعبان مي الخنسا مطالبةً بإلغاء الاعتصام، لأن «وزير العدل اتصل مبشّراً بأخبار منيحة عن يوسف»، تقول الوالدة.
انتظرت العائلة أمام شاشات التلفزة، حضر مندوبو الوسائل الإعلامية مجدداً إلى المنزل الذي اعتادوا زيارته، لكنّهم هذه المرة لا يكرّمون والدة السجين ولا يتضامنون معها، بل أتوا لتهنئتها بتحرير «ولدها البريء». اجتمعت العائلة في منزل يوسف لتستقبل المهنئين من أبناء المخيم. استنفر إخوته طاقاتهم، منهم من كان يتلقّى اتصالات التهنئة، ومنهم من كان يصطحب الإعلاميين في طريق الخروج من أزقة المخيم. في غرفة الجلوس لا يتوقف الهاتف عن الرنين، يرد اتصال من الزميل مارسيل غانم، آخر من رئيس الوزراء السابق سليم الحص، وآخر من وزير العدل إبراهيم نجّار. تشكر الوالدة الجميع، الفرحة لا تسعها، تحمل صورة رئيس الجمهورية تقبّلها، تنظر إليها، وتضمّها إلى صدرها. لحظات وتحضر سمر الحاج زوجة اللواء علي الحاج. تدخل إلى المنزل الذي تعرفه جيداً. تضم والدة يوسف وتبكيان. تهرع الوسائل الإعلامية لتصويرهما، «الله فرّجها عليكي» تقول الحاج، «متل ما فرّجها عليكي قبلنا» ترد الوالدة. تسرق الحاج الأضواء قليلاً من العائلة. هكذا، بعد 16 عاماً من السجن، سيخرج يوسف شعبان بعفو خاص من رئيس الجمهورية، ليراه أطفاله الذين تركهم في 5/2/1994. وقال شقيقه إبراهيم «من المتوقّع خروج يوسف بعد ثلاثة أيام أو أسبوع، لأن مديرية الأمن ستتولى متابعة إجراءات الخروج باعتبار شعبان فلسطينياً».
ولا بد من التذكير بأن قرار العفو لا يلغي الإدانة، وبالتالي فإن يوسف شعبان يُعتبر «مرتكباً مُعفى عنه»، بينما السبيل الصحيح لتبرئته يحصل عبر إعادة المحاكمة، ما يتعذّر تحقيقه بسبب عدم تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وكان تقرير صدر عن «منظمة العفو الدولية» قد ذكر أن شعبان خلال اعتقاله، في أعقاب القبض عليه في 5 شباط 1994، زعم أن مختلف وسائل التعذيب استُخدمت ضده، ومن ضمنها «الكرسي الألماني»، حيث أُجبر على الجلوس على كرسي معدني يتضمن أجزاء متحركة تمدّد العمود الفقري، وتحدّث عن تعليقه من معصميه فيما كانا مقيّدين خلف ظهره (البلانكو)، وصعقه بالصدمات الكهربائية، وتوجيه التهديدات إليه وحرمانه من الطعام والماء والنوم. ولم تُبلَّغ عائلته باعتقاله طيلة 40 يوماً. وكان شعبان متهماً بالمشاركة في عملية اغتيال المستشار الأول للسفارة الأردنية في لبنان نائب عمران المعايطة في صباح التاسع والعشرين ١٩٩٤. وحصلت العملية في شارع أوستراليا في الروشة، بإطلاق النار على رأسه بينما كان في سيارته يستعدّ للمغادرة إلى مقر عمله.