عمر نشابةتسجن الدولة آلاف الأشخاص الذين يتبيّن لأجهزتها ضلوعهم في جرائم مخدرات في لبنان. ومن بين تلك الجرائم الاتجار والترويج والتصنيع والتعاطي. غير أن الضابطة العدلية غالباً ما تعدّها جزءاً من «سلّة واحدة»، إذ إن تعاطي المخدرات يكون في العديد من الحالات جماعياً، ويتشارك المتعاطون المواد الممنوعة، ما قد يُعَدّ ترويجاً لها. أما جرم الاتجار، فقد يتهم بارتكابه أحد المتعاطين الذين يتبرعون لشراء الممنوعات لزملائهم في التعاطي مقابل إعفائهم من تسديد ثمن حصّتهم منها.
يجرّم القانون متعاطي المخدرات استنسابياً، إذ يحظر بعضها ويسمح بتعاطي بعضها الآخر. فالكحول والكافيين مثلاً من أبرز المخدرات التي لا يعاقب القانون على تناولها، بل يُسمح بترويجها عبر الإعلانات المغرية على الطرقات وعبر وسائل الإعلام، التي لا شكّ في أنها تزيد من متعاطيها، وبالتالي من مدمنيها.
غير أن تعاطي تلك المؤثرات العقلية المُدمَنة بنسب قليلة ليس مضرّاً بالصحة العامة، بينما الإكثار منها بانتظام قد يؤدي إلى مشاكل سلوكية خطيرة تدفع البعض أحياناً إلى القيام بأعمال مخالفة للقانون تمثّل خطراً على حياة الآخرين. كذلك فإن تعاطي المخدرات يؤدي إلى مشاكل صحية نفسية وجسدية. فتناول الكحول (الويسكي والبيرة والفودكا وغيرها) والكافيين (القهوة والشاي وبعض المشروبات الغازية) وكذلك تناول الطورين (مشروبات الطاقة) يرفع من نسبة الأدرينالين في الدم، ما يجعله أكثر حيوية. ويؤدي ذلك إلى نشاط وحراك زائد وإلى تهوّر وتصرّفات قد تكون عدائية. فقيادة السيارة أو الشاحنة والعمل في المصانع أو بأدوات حادّة وفي ورش البناء واقتناء أي نوع من السلاح بعد تناول مركّز للكحول والكافيين قد تؤدي إلى وقوع حوادث وجرائم يصل بعضها إلى حدّ القتل. لكن الدراسات العلمية الحديثة تدلّ على أن تناول بعض المخدرات غير المدمَنة المحظورة (مثل القنب الهندي) بكمية ضئيلة قد لا يؤدي إلى تصرّفات تحدث أذى بالمجتمع. يشير ذلك إلى أن مكافحة إدمان المخدرات وتعاطيها يُفترض أن تكون في إطار الحفاظ على الصحة العامة لا في إطار مكافحة الجريمة. فالشاب الذي يبحث عن مؤثرات عقلية سيجدها، وإن لم يجدها في السوبر ماركت فسيجدها في الصيدلية، وإذا تعذّر ذلك فسيبحث عن غير المشروع منها.