راجانا حمية ـــ عبد الكافي الصمدانتهت حركة «غزة حرّة». لكنها لم تمت. وُلد البديل في لقاء أمس الذي جمع بعض مؤسسي الحركة وأعضاء لجنة المبادرة الوطنية لكسر الحصار في دار الندوة. وُلدت «فلسطين حرّة» ووُلدت معها خطة جديدة تهدف إلى كسر الحصار عن فلسطين، لا غزة فقط. لن يكون بلوغ الهدف سهلاً أبداً، باعتراف مؤسسيها، فسفينة الحركة الجديدة إذا انطلقت هذه المرة فلن تحمل موادّ غذائية وأغطية وملابس ومجموعة من المسالمين الأوروبيين والأميركيين والعرب، بل ستحمل لاجئين حالمين بالعودة إلى ديارهم. يعرف هؤلاء جيداً أن رحلتهم الجديدة التي سمّوها «حقّ العودة» لن يكون وصولها سهلاً إلى فلسطين، ولكن لا بد من المحاولة. أما السبب؟ فلأن «فلسطين تستحق منا المغامرة»، يقول رئيس الحركة ياسر قشلق. لم يكن قشلق يفكر في توسيع حركته، وخصوصاً أن الحركة السابقة «اضطُّهدت كفاية من العدو»، ولكن خطاب «زعيم أكبر أمة عربية» الذي طمأن من خلاله الإسرائيليين على صحة الجندي المخطوف جلعاد شاليط (قاصداً مقابلة الرئيس المصري حسني مبارك مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية) دفعه ورفاقه «الفلسطينيين الجدد» (الإيرلندية غويفا باترلي والأميركي بول لارودي واليوناني باسياس إيفانكلوس وأعضاء لجنة كسر الحصار) إلى اتخاذ قرارهم القاضي بالتحرك، على أن يبدأ العمل من أميركا. قرار الانطلاق من هناك ليس «عبثياً»، بحسب قشلق، فقد أراد الناشطون أن «يتوسطوا» لدى العالم الغربي من أجل الضغط على قادة العالم العربي كي يتذكّروا أن لهم فلسطينَ محتلّة.
اجتمع الرفاق أمس ليفكّروا بصوت عالٍ في كيف لهم تذكير «من نسوا» أن فلسطين محتلة فعلاً. افتتح قشلق جلسة التفكير مصعّداً. لم يقل الكثير، اكتفى بالدعوة العاجلة إلى «صنع السلام مع إسرائيل بعيداً عن أرضنا ومقدساتنا». ولئن كان ايفانكلوس اليوناني أقل حدة في كلامه من قشلق فإنه لم يكن أقل وفاءً منه لفلسطين. فهو ينتمي إليها قبل اليونان. جدّه الأول ولد في القدس، لذلك لا يزال الحفيد يتذكّر أن في عروقه يسري الدم الفلسطيني. يتكلم عن موطنه الأصلي بلكنة عربية يجهد لإتقانها، مطلقاً وعده باستمرار المحاولات للوصول إلى فلسطين.
يكمل لارودي ما بدأ به صديقه. لا يعرف الكثير عن فلسطين. هكذا بدا، لذلك استغل فرصته للحديث عن الخطة المقبلة لحركة فلسطين حرة، فأشار إلى «أننا ندرس فكرة إطلاق سفينة الأسبوع المقبل». يحلم لارودي «بسفينة كبيرة وقوارب ونصف مليون شخص يدخلون فلسطين». يبتسم لحلمه، ولكنه يعد «بمحاولة فعل شيء، ولو بسفينة واحدة أو منطاد قد يوصل إلى فلسطين». أما باترلي، فاكتفت بتوجيه دعوتين، أولى إلى النظام العربي والغربي كي يتحرك من أجل المحاصرين، وثانية إلى الفلسطينيين اللاجئين للتعاون مع الحركة الجديدة. أما بشور، فقد ذكر بـ«الأخوّة» المحتجزة، داعياً المسؤولين عن ملفات تبادل الأسرى إلى أن يُدخلوا السفينة ضمن العملية.
وبعيداً عن دعوات أمس في دار الندوة، كان الوفد قد زار أول من أمس مخيم البداوي، بدعوة من الجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة، حيث قضوا يوماً طويلاً مع الأهالي. كان النهار حافلاً. استقبل الأهالي الوفد بحفاوة لافتة، ولدى وصولهم إلى مركز اللجنة الشعبية وقف فتية الكشاف منشدين أغنية «فلسطين لن ننساك».
«نعتز ونفتخر بهؤلاء المناضلين لدعمهم أهل غزة في معاناتهم»، يقول أمين سر الفصائل محمد المصري. يتسلّم قشلق دفة الحديث من بعده، ويندفع قائلاً: «هدف حركتنا هو أن تكون فلسطين كلها حرة، لا غزة فقط».
بلكنة عربية «مكسرة» يتحدث رايدر. يقول إن «الحرية لن تكتمل بلا حرية الشعب الفلسطيني». يقصّ إيفانكلوس الذي تحدث بالإنكليزية، كيف أن محافظ آخر جزيرة يونانية في البحر أخبره قبل انطلاقتهم أن «أكثر من ألفي شخص من أبناء الجزيرة نزحوا في قوارب إلى غزة أثناء الحرب العالمية الثانية هرباً من النازيين، وأن أهل غزة استقبلوهم بحفاوة»، مشيراً إلى أن «منع إسرائيل اليوم وصول سفن الإغاثة إلى غزة عمل ضد التاريخ والحضارة وحقوق الإنسان».