قاسم س. قاسمأدخل إلى غرفة نومه. هنا السرير الذي كنت أقفز عليه أنا وأخي. ألمح طيف جسده، أنا الذي كنت أنام بقربه. يتردد صدى الأغنية التي كان يرددها لي قبل النوم، «إن راح منك يا عين حيروح من قلبي فين، ده القلب يحب مرة ما يحبش مرتين». رأيت كلّ شيء. ساعة الحائط المتوقفة، الموكيت المتسخ ذو الرائحة الكريهة، لكن الجميلة بالنسبة إليّ.
رحل والدي وتغيرت بعض الأماكن. تغير الويمبي الذي كنا نجلس فيه منذ الصباح أنا وهو. كنت أشعر بالملل في تلك الأثناء، فأعدّ المارّة، لم أعرف سبب حبه للجلوس هناك. لكني أدركت ذلك عندما كبرت. كنا نتناول الغداء في مطعم الإسطنبولي. رحل والدي وتغيرت الأماكن فأصبح الويمبي «فيرو مودا»، والمودكا «فيرو مودا»، وقريباً شارع الحمرا سيتحول إلى شارع «فيرو مودا». بعد 15 عاماً دخلت إلى منزل والدي في الحمرا. لكن هذه المرة كانت لإخلائه. المحامي أراد إنهاء عمله بسرعة. حمل أوراقه وطلب مني الإسراع، لم يعرف سبب وقوفي وتأمّلي الجدران. جلت في البيت، لم أعرف بماذا أبدأ، ماذا آخذ معي في الرحيل الأخير، وأنا أترك ذكريات طفولتي بين أربعة جدران؟ تساءلت في سرّي: كيف بإمكانهم أن يمحوا ذكريات 18 عاماً بلحظة. نظرت إلى الحائط. وجدت خريطة فلسطين، أخذتها وتركت ذكرياتي ورحلت.