عمر نشابة«ولاه! يا ... (شتيمة)! ليش جايي عكس السير؟ ليش؟» يصرخ شرطي السير على مفترق إحدى الطرق الرئيسية في بيروت، والعرق يتصبّب من جبينه، «صفّ عاليمين واعطيني اوراقك! لشوف شو بدّي أعمل فيك!».
تتكرّر نوبات الشرطي العصبية طوال النهار، لكن وتيرتها تنخفض تدريجاً مع اقتراب انتهاء دوامه الرسمي. يصعد في الأوتوبيس العمومي ويجلس أخيراً على أحد المقاعد الخلفية. يتنفّس بسرعة من شدّة الإرهاق. يغمض عينيه ويهمس لراكب جلس قربه «تلفت أعصابي ... يلعن أبو الساعة اللي دخلت فيها عالسلك!».
لا تتضمّن وظيفة الشرطي أو المحقّق حرق الاعصاب أو الصراخ في الشارع وإهانة المواطنين، غير أن عدداً من العوامل تدفعه إلى التعبير عن الغضب بوجه الناس، ومنها:
1 ـــــ الحرّ الشديد ونسبة الرطوبة المرتفعة وتنشّق كاربون المونوكسيد المنبعث من السيارات والشاحنات التي ترهق أعصاب الشرطي الذي يمضي ساعات في الشمس أو تحت المطر لتنظيم حركة المرور.
2 ـــــ عدم تجاوب بعض المواطنين النافذين والقبضايات مع توجيهات الشرطي وتهديده بحجّة «عرقلة مرور» الرئيس أو الوزير أو الزعيم أو الأمير أو السفير وكلّ من يختبئ خلف الزجاج الأسود.
3 ـــــ استمرار تدخّل بعض الضباط والسياسيين في عمل شرطة السير عبر عرقلتهم الإجراءات التي يفترض أن تؤخذ بحقّ المخالفين.
4 ـــــ مخاطبة بعض الضباط الشرطيين الذين يعملون تحت سلطتهم بعصبية وقلّة احترام وتقدير لمهام تنظيم السير الشاقّة.
5 ـــــ اللجوء إلى الانفعال والغضب للتغطية على قلّة الكفاءة أو لتثبيت موقع سلطوي للشرطة.
6 ـــــ الراتب المتدنّي لأفراد قوى الأمن والخدمات المحدودة التي يحظون بها.
7 ـــــ عديد شرطة السير المتدنّي يزيد من ضغط العمل على العناصر.
لكن، إذا لم يكن لتبريد الأعصاب فوائد كثيرة تساعد على حلّ المشاكل المذكورة فإن فقدان الشرطي السيطرة على أعصابه قد يدفعه إلى ارتكاب أخطاء تفاقم حدّتها وتزيدها زحمة السير.