محمد نزالاستقلّ منير (اسم مستعار) سيارة أجرة. طلب من السائق إيصاله إلى منزله الكائن في منطقة زقاق البلاط ـــــ بيروت. كان في داخل السيارة 3 «ركّاب» آخرين. انطلق السائق بسيارته إلى مكان آخر، غير آبه بمطالبة منير بإنزاله فوراً. هذه قصة دارت أحداثها في لبنان... قبل 26 عاماً (أي عام 1983)، حين كانت الحرب الأهلية تغيّب أمن المواطنين.
استمر منير بمطالبة السائق بالتوقف... أخيراً، جاءه الجواب. شهر أحد الركاب مسدساً حربياً في وجهه، وقام مع الآخرين بسلب أمواله وساعة اليد وجاكيت جلدية كان يلبسها. وضعوا جريدة على وجهه، بغية حجب ملامحهم عنه. سمع منير صوت أحد السالبين يقول «أنا ما خصّني». مرّت دقائق قبل أن ينزلوه من السيارة، ثم فرّوا إلى جهة مجهولة.
بعد 25 عاماً أعيد توقيف إبراهيم ليحاكم وجاهياً بالجناية التي تنص عليها المادة 638 من قانون العقوبات
بعد مرور شهر ونصف على الحادثة، أوقفت القوى الأمنية شخصين كانا يتجوّلان بطريقة مشبوهة في منطقة الأوزاعي. وجد في حوزة كل منهما مسدس حربيّ «غير مرخّص»، وتبينّ أن أحدهما مازن (اسم مستعار) «محكوم عليه قضائياً»، والآخر إبراهيم (اسم مستعار). أجرت القوى الأمنية مواجهة علنية بين الموقوفين ومنير. تعرّف المدّعي إلى مازن «نعم، هو الذي شهر المسدس في وجهي وقام بسلبي»، قالها مباشرة ودون تردد. أما فيما خصّ إبراهيم، فلم يستطع منير الجزم بتورطه «علماً بأن صوته يشبه صوت الذي أطلق عبارة «أنا ما خصني» بنسبة 60 إلى 70 في المئة، فالصوت كان يومها خشناً أكثر». أنكر إبراهيم تورّطه في عملية السلب، كما أنكر أي معرفة له بصاحب الادعاء، دون أن ينكر حيازته مسدساً حربياً «غير مرخّص». أخلت المحكمة سبيل إبراهيم عام 1984 بعد 6 أشهر من السجن. مرت 25 عاماً قبل أن يُعاد توقيفه ليحاكم وجاهياً بالجناية التي تنص عليها المادة 638 من قانون العقوبات، «يعاقب بالأشغال الشاقة من 3 إلى 10 سنوات على السرقة إذا وقعت السرقة باستعمال العنف على الأشخاص، أو بفعل شخص مقنّع أو يحمل سلاحاً ظاهراً».
حكمت محكمة جنايات بيروت برئاسة القاضي حاتم ماضي، وعضوية المستشارين كارول غنطوس وهاني الحبّال، بعدم تجريم إبراهيم وإعلان براءته من الجناية المشار إليها، نظراً إلى وجود الشك، إضافة إلى «عدم تولّد الاقتناع الذي يرتاح إليه الضمير والوجدان»، بحسب نص المحكمة. كذلك حكمت بإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً لداع آخر.
صدر الحكم وجاهياً وأفهم علناً بحضور ممثل النيابة العامة.