رامي زريقإنه فصل الصيف: موسم الزوار الكرماء من عرب أو مغتربين. وموسم الفاكهة اللبنانية الشهية والخضار الجذابة. وهو أيضاً موسم داء الأمعاء، والتقيؤ والإسهال والصداع. قد لا يبدو للوهلة الأولى أن هناك أي ترابط بين فخر إنتاجنا الوطني وحالات الانزعاج التي أصبحت جزءاً من التقاليد الصيفية. يعود هذا الترابط إلى فقدان السلامة الصحية على مدى السلسلة الغذائية ابتداءً من الحقل وانتهاءً في المطابخ. يعلم الخبراء والباحثون في لبنان أن نسب تركيز رواسب المبيدات السامة في الخضار والفاكهة اللبنانية قد تتعدّى أحياناً ما هو مقبول عالمياً. كما أننا نعلم أن تلوث مياه الري بمياه الصرف الصحي ينقل الأمراض المعدية إلى المستهلك. وقد يساعد غسيل الخضار والفاكهة على التخلص من الميكروبات المنقولة مع المياه الآسنة، إلا أنه من الصعب غسل المبيدات عن الغذاء لأنها تنتقل إلى داخله وتبقى فعالة لمدة زمنية معينة قد تتعدى الأسبوعين أحياناً. لا نعلم تماماً مدى تأثير تراكمات الرواسب السامة على الصحة، ولكن هناك دراسات عديدة تربطها بتفشي الأمراض السرطانية، إلا أننا نعلم عوارضها القصيرة المدى التي يعاني منها المواطنون والسياح. أما ثقل المعاناة فيقع على نوع آخر من الزوار الموسميين هم العمال الزراعيون الذين تتشابه ظروف عملهم مع الرق: يقيمون في أكواخ من الخشب والزينكو ويتقاضون أجراً يقل بكثير عن الحد الأدنى الرديء أساساً، ويعملون تحت نار الشمس الحارقة في الخيم البلاستيكية الخانقة، يرشون يومياً مبيدات سامة بغياب أي وقاية وينقلون رواسبها معهم ليموتوا بعد فترة في أماكن بعيدة. فإذا كانت مصلحة حماية المستهلك مسؤولة ولو نظرياً عن صحة السياح الكرماء والمواطنين الأعزاء، فمن المسؤول عن حقوق العمال وصحتهم؟