البقاع ــ نقولا أبو رجيلي«الحاكورة» أو «الزرّيعة»، هي التسمية التي يطلقها أهالي القرى على قطعة أرض تقع غالباً بالقرب من منازلهم، تتراوح مساحتها بين 200 و300 متر مربع ، يواظب بعض أبناء الريف على زراعتها بأصناف متنوعة من الخضر خلال فصل الصيف.
لتغذية التربة، يستخدم سماد عربي يسمى «نكّوب»، وهو براز الماعز والغنم والدجاج الناشف، تضاف إليه «جنزارة» ممزوجة بنخالة القمح توضع مع البذور والشتول عند زراعتها لإبعاد الحشرات والديدان، وكبريت مجفف يرش على أوراق الشتول لمكافحة الجراثيم والفطريات. هذا كل ما يحتاجه محمد مجيد (60 عاماً) من مواد عضوية ووقائية لتغذية وحماية نباتات الخضار المتنوّعة التي تحظى بعنايته وباهتمام زوجته طيلة موسم الصيف وخلال فترات قليلة من الخريف. من أمام منزله في بلدة كفرزبد ــــ قضاء زحلة، عدّد «أبو جهاد» الأصناف التي تضمها «زرّيعته» من شتول البندورة التي قاربت حباتها النضوج، إلى «أجباب» المقتة بقسميها البعل والسقي، وبضعة أثلام من التراب احتضن بين ذراته نباتات الخيار البلدي الذي تفوح من أوراقه وثمراته رائحة التربة النقية، بالإضافة إلى أصناف أخرى، كالملفوف والقرنبيط والثوم والبصل والبامية الخضراء والبقلة والبقدونس والنعناع والفليفلة الحارة والحلوة والفجل والذرة ودوار الشمس، وما إلى هنالك من فاكهة مثل بطيخ الأناناس وشتول الفريز وكبوش العلّيق المنتشرة في محيط المكان. لم تفت أبو جهاد أية شاردة وواردة إلا وذكرها، شارحاً بإسهاب عن كيفية تقليبه التربة بواسطة «شوكة النكش» والمجرفة تمهيداً لغرس الشتول وزرع البذور في موعدها خلال فصلي الربيع والصيف، موضحاً أن «الاعتناء بزرّيعتي لا يتطلّب مني أكثر من ساعة واحدة يومياً ولا يعيق عملي في تربية الدواجن في مزرعة أملكها بالقرب من منزلي»، ليضيف عن تكلفة الإنتاج، مبتسماً «ما في شي يحرز. كل ما أدفعه لا يساوي ثمن متطلبات منزلي من خضار يفترض أن أبتاعها من الأسواق خلال أسبوع واحد، وجميع البذور أستخرجها من منتجاتي وأحتفظ بها من عام إلى آخر». إلا أن الأهم من ذلك كله، كما يشرح مجيد، هو خلو منتجات حديقته من المواد الكيماوية والأدوية الزراعية والمبيدات والمغذيات الهرمونية التي تحتويها وتمتصها الخضار المطروحة في الأسواق، لافتاً إلى أنه يوزّع فائض إنتاج «زرّيعته» على أقاربه وجيرانه وأصدقائه، وهنا تتدخل أم جهاد لتقول «الله طعمك، كول وطعمي»، متوجهة بالنصح إلى جميع أبناء القرى بعدم إهمال أي شبر من التراب المحيط بمنازلهم، وبوجوب زراعته، بدلاً من تركه أرض بور تغطيها الأشواك والأعشاب.