صور ـــ آمال خليلبخيلةً كانت الذكرى الثالثة لمجزرة مبنى الدفاع المدني في صور، التي حلّت قبل أيام، على أهلها. ففيما كانت القرى الجنوبية طوال عدوان تموز ميدان سباق لا ينتهي بالنسبة إلى فريق الدفاع المدني، بالكاد وجد المسعف علي صفي الدين مكاناً لإضاءة الشموع لروح طفلته لين والشهداء التسعة الآخرين الذين سقطوا تحت أنقاض المبنى الذي كان الدفاع المدني يتّخذ من طابقه الأول مقرّاً له، وإليه لجأ عشرات المواطنين.
قاصد الحي الذي اتّخذ إثر المجزرة اسم الدفاع المدني ومبنى محيي الدين المستهدف، بات الآن يحاول جاهداً لملمة بعض آثار الدفاع في المكان. المبنى الذي طال مأزقه في نيل تعويضاته وإعادة بنائه عاد قبل أسابيع أجمل مما كان.
كل ما فيه مستحدث: الطلاء والتصميم الخارجي ما عدا ساكنيه القدامى الذين استُثني منهم الدفاع المدني الذي استبدل بمكتب للنائب محمد فنيش. إشارة إلى أن الجهاز بقي مشرداً لسبعة أشهر بعد المجزرة قبل أن «يحنّ» عليه مالك أحد العقارات في قلب المدينة وأجّره منزلاً متهاوياً مؤلفاً من أربع غرف مؤقتاً بانتظار إنجاز مبنى محيي الدين ليعود إليه مع العائدين.
بالنسبة إلى مالكة المبنى، الدافع وراء استبدال الدفاع المدني بالمستأجر الجديد هو تجاري بحت، إذ فاضلت بين الإيجار السنوي الذي كانت تدفعه وزارة الداخلية لها بدلاً من استخدام الطابق الأول وما ستجنيه من الآن فصاعداً من المستأجر الجديد. وكانت الغلبة للنائب.
وإذا لم تكن المالكة قد استوقفتها القيمة المعنوية للدفاع المدني التي عززتها المجزرة، فهل يمكن نزع اسم الدفاع المدني الملتصق بالمنطقة، وخصوصاً بعد افتتاح جهاز مماثل خاص قبالة مقره السابق؟
أول المتخوفين على استمرارية عمله في منطقة صور هم عناصره أنفسهم، بسبب أحواله المزرية التي تنتظر وعود الدولة وهمم أهل الخير. لكن تخلي الناس عنهم مثّل الخيبة الكبرى «بينما نحن نضع أرواحنا بين أيديهم من دون مقابل مادي وتأمين صحي أو تأمين على الحياة».
هام هؤلاء في المدينة من دون جدوى، بحثاً عن مستقر لهم، إما بسبب رفع أصحاب العقارات لسعر الإيجار وإما لعدم ملاءمة الموقع لحاجات الدفاع المدني. وبعدما أطلق الجهاز صرخة اليأس والخيبة، بادرت أخيراً بلدية صور لحل الأمر، وأخذت على عاتقها إنشاء مقر جديد للدفاع المدني. البلدية اختارت عقاراً شاغراً في منطقة الشواكير عند الطرف الجنوبي للمدينة، لبناء غرف جاهزة تصبح المقر الدائم.
النية الحسنة لا تزال بحاجة إلى تحويلها إلى فعل خلال عام كما هو مقرر بفضل التمويل الآتي من إيطاليا.
إشارة إلى أن وزارة الداخلية ضمت في الأشهر الماضية فروع الدفاع المدني في علما الشعب والقليلة والعباسية إلى فرع صور بسبب النقص في المتطوعين والمعدات. وعليه، بات على المتطوعين الـ35 والإطفائيات الخمس وسيارات الإسعاف الست في مركز صور أن يغطوا كل الحوادث المختلفة والحرائق في قضاء صور ومحيطه. مع العلم أنَّ موسم الحرائق الفعلي لم يبدأ بعد.