يمضي بعض الشباب وقتهم في تعديل دراجاتهم النارية ليصبح صوتها أقوى، فتتحول إزعاجاً للناس. لكنهم لا يهتمون، فهم على الموضةمايا ياغي
«قبّوا جمل، طير يا طير، تيربو، تنيين أشكمان، أشكمان مفخوت، صوتو متل الطيارة...». مصطلحات تتردد مع شباب مهووس بعشقه للدراجات النارية، وأشكال وأنواع منها كفيلة بتحقيق الإزعاج الكافي لمدينة بأكملها. توتر، أعصاب مشدودة وعيون مفتوحة على كل الاتجاهات. هكذا أصبح السير في بعض المناطق في لبنان بسبب هؤلاء، إزعاج للناس وتفلّت من القانون ولا من يسأل.
تتذكر الشابة ملاك حرب مشهد عشرات الدراجات النارية وهي تسير مجتمعة على الأوتوستراد، محاولة إقفال الطريق بوجه السيارات في حركة تسير فيها الدراجة على دولاب واحد. «دايماً كنت شوفون، يجمعهم لباس جلدي أسود، والوشم على الكتف والظهر». وتضيف أنّ العنصر الأنثوي بينهم يبرز بوضوح «فتستطيع تمييز الفتاة التي تقود الموتسيكل والشاب يتمسك بها في الخلف». من جهته، يرى سليم حريبي في هذه الحركات التي يقوم بها الشباب «مسخرة وقلة ذوق، فالواحد لا يستطيع أن يرتاح حتى في منزله بعد طول عناء من أصوات هذه الدراجات إلى جانب دخان الوقود الذي يتصاعد منها إذا كان نصيبك أن تسير خلف إحداها».
في المقابل، يقول محمد سالم، وهو صاحب إحدى الدراجات النارية الكبيرة: «يعني نحنا شباب ولازم نتسلى، وين الغلط بلي عم نعملو؟». ويضيف متحدثاً عن دراجته: «إيه منحطلا تنين أشكمان ومنفختو ومندفع مصاري حتى يعطينا هيدا الصوت، أصلاً من دون صوت كيف بدا تعرف حبيبتي إني مريت من حد بيتها؟».
وتقول رنا درويش، من سكان النبطية، إنّ راكبي الدراجات النارية «صارو عاملين دوام، فريق يذهب للراحة ويأتي الفريق الآخر، يعني كأنو عندن حراسة.
من دون صوت الموتسيكل كيف بتعرف حبيبتي إني مريت حد بيتها؟
حتى بعد منتصف الليل لا نحظى بهدوئهم، بل إنّ طاقتهم مشرجة 24 على 24 ساعة». يوافقها الرأي الشاب عبد قبيسي ويضيف: «أنا بشوف الموضوع مسخرة وما إلو داعي، يعني إذا الدولة ما محترمة نفسها بهالموضوع لازم الشاب من نفسو يوجه طاقته نحو الخير ومساعدة الناس لا إزعاج الآخرين». يقف حسن الملقب بتانغو على نقيض عبد ويؤكد الشاب قائلاً: «أنا ما بتفرق معي، وعا عينك يا تاجر بقبو حد شرطي السير وما حدا بيقلي وينك، أصلاً صرت صحبة معهم».
تختلف الآراء وتتنوع في أوساط «راكبي الدراجات النارية»، إذ يترفع بعضهم عن إزعاج الآخرين، منهم محمد حرب الذي يقول إنّه «لم أقم مرة بأعمال كهذه». ويفسر أنّه لا يستطيع اقتناء سيارة، وكان الحلّ هو بشراء الدراجة النارية «بعد معاناة لإقناع الأهل بعدم خطورتها على حياتي». أما مريم عنيسي، فابنتها تعاني من صوت الدراجات النارية. «ما بتغفل ابنتي حتى تفيق خايفة، صوتو متل صوت الطيارة وبس يوصل حد البيت بيعطي ويا عين لما بيعطي، إيه ما بعرف وين الدولة والبلديات لازم ما يبقى حدا معو موتسيكل». أما راوية غندور، وهي مغتربة أتت لقضاء فصل الصيف في لبنان، فتؤكد عدم وجود هذه المظاهر حيث تسكن في كندا، إذ «يستحيل أن ترى مشاهد كهذه في كندا، فإذا لم يسأل المواطن عن نفسه وعائلته، فإنّ الدولة لا تسمح له بأن يرمي نفسه إلى الهلاك».