النبطية ــ كامل جابرلم تكن تسمية المؤتمر المنعقد في مدينة فرح السياحية في النبطية، «شخصية جبل عامل... عبقرية المكان» هي موضوع الجدل الوحيد خلال أعمال المؤتمر، الذي شاركت فيه أكثر من سبعين شخصية فكرية وأكاديمية واجتماعية، بل شهدت المداخلات المختلفة العناوين نقاشات حامية، سرعان ما كان يحول دون إتمامها عامل الوقت وكثرة المحاضرين.
وإذ قاربت المداخلات من خلال البحث التاريخي والأكاديمي والعلمي علاقات جبل عامل التاريخية، ودوره على المستوى العربي ومساهمته في تطوير الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي تشكيل الوعي الإيراني وعلاقته مع دول الجوار وأهميته الاستراتيجية في الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، فقد غاصت في مسألة التشيّع والتسمية والثقافة الشعبية وثروته التراثية. ثمة إشكالية وقع فيها منظّمو المؤتمر، تمثلت بعامل الوقت، إذ تجاوزت العناوين المقررة خلال ثماني ساعات (هي الوقت المحدد للمؤتمر خلال يوم واحد) 22 عنواناً ثابتاً، مقسمة على ستة محاور، ولكل محور مدير استهل جلسته بمداخلة، أو ربما أكثر بين كل محاضرة وأخرى، ما دفع المنظمين إلى تحديد عشر دقائق لكل محاضرة، ما سبّب حالاً من الاضطراب أحياناً، كانت تدفع المنظمين إلى إيقاف المحاضر عن الكلام ودعوته للاختصار.
لكن يمكن القول، إن المحاضرات والمداخلات مثّلت مرجعاً متنوع الدلائل والمعلومات عن منطقة جبل عامل، التي تجاوزها البعض إلى تسمية الجنوب اللبناني؛ وهذا ما لفت إليه د. أحمد بعلبكي في محاضرته «تحولات الموارد وشروط تنميتها في جبل عامل»، حيث قال إن الزعامات الشيعية ونخبها المحلية المنتفعة تواصل الترويج لتسمية جبل عامل، المتوارثة، بهدف تحصين حضورها وتمثيلها المتجدد بالتعبئة العصبوية والزبائنية لعوام الشيعة، وبالتعبئة الزبائنية المتملقة لعوام الطوائف الأخرى؛ فتضمن بذلك حضورها في تقاسم السلطة داخل دولة الاستقلال. وتساءل: «ألم تسهم تلك الزعامات في خلق كيانية شيعية في مقابل كيانات طائفية أخرى سبق للكنيسة المارونية أن استأثرت بنهج تشكيلها».
وربما كانت المداخلات المسهبة لمتخصصين، وراء الاقتراح بإصدار ما نوقش في كتاب تصدره «دار الهادي للطباعة والنشر والتوثيق» الجهة المنظمة للمؤتمر. كذلك نمّت المداخلات عن آراء مختلفة، تماهت مع القشور أو غاصت في تفاصيل الأمور. لكن هناك إجماعاً خرج به الجميع، أشبه بالتوصية أن تكون هذه العناوين مدارات بحوث جدية تأخذ مداها في التدقيق وفي النقاش من «أجل بلورة مفاهيم وأسس تتعلق في هذه المنطقة وعلاقاتها على مختلف المستويات».