يخضع نزلاء في سجن رومية لفحوص للسل بهدف التأكد من خلوّهم من البكتيريا، ولكن الإجراء الوقائي أثار خوف البعض، فانتشرت بين أهالي السجناء شائعات عن 300 إصابة، فيما الجهاز الطبي في السجن يقوم بواجباته لوقاية النزلاء من أي مريض قد ينقل العدوى
بيسان طيّ
يتناقل أهالي نزلاء في سجن رومية أخباراً عن وجود 300 مصاب بمرض السل بين السجناء. يعيش الأهالي حالة من الرعب والخوف على أولادهم. ولكن ما صحة هذه الشائعات؟ ولماذا انتشر الخبر؟
بداية، يؤكد مسؤول في السجن لـ«الأخبار» أنه تم إخضاع النزلاء لفحص السل الأول، فعانى نحو 300 منهم من احمرار أو تورم، ما يعني أن هؤلاء قد يعانون من المرض، ولكن إثبات ذلك يتطلب إخضاعهم لفحصين آخرين، ومن المؤكد أن عدداً قليلاً منهم ستثبت إصابته، لأن الفحص الأول ليس دليلاً قاطعاً على المرض.
مسؤول آخر قال إن ثمة سجيناً اقتيد في الفترة الأخيرة إلى السجن، وهو حامل للمرض قبل توقيفه.
الأب هادي عيّا، رئيس جمعية «عدل ورحمة»، أثنى على جهود الجهات الرسمية المعنية بشؤون السجن، قال إن الشك ساور المسؤولين عن وجود إصابات بالمرض بين نزلاء مبنى المحكومين، فتم إخضاع كل المساجين في المبنى للفحص الأول، لكن عيّا لم يتطرق إلى أرقام حول عدد المصابين المحتملين أو بكلام أصح عدد الأشخاص الذين عانوا من تورّم بعد الفحص الأول. ولفت عيّا إلى أن الجهاز الطبي الموكلة إليه أمور السجن أخضع نزلاء المباني الأخرى جميعهم لفحص السل، على رغم صعوبة هذه الخطوة، وذلك للتأكد من خلو «رومية» من إصابات السل. وقال عيّا «الدولة تضع يدها على الموضوع بطريقة صحية، العمل جارٍ لتتم محاصرة المرض في السجن، ولا بد من توجيه تحية للجهاز الطبي الذي أخضع كل النزلاء للفحص، هذا التصرف دليل تغيير كبير، وهو عمل جبّار يتطلب وقتاً كبيراً».
مسؤول في السجن أكد لـ«الأخبار» أن حملة توعية السجن حول المرض ستُطلق قريباً، وستوزع عليهم كتيبات تتضمن شروحاً مفصلة، وذلك لطمأنتهم حول حقيقة هذه البكتيريا وكيفية انتقالها وعوارض المرض.
الشائعات التي تتردد بكثرة بين أهالي المساجين، بنيت إذاً على خبر حول مصاب واحد، وقد تم تضخيم هذا الخبر ليتحول الكلام إلى همس عن «مئات الإصابات»، كذلك فإن بعض المساجين لم يفهموا دلالة الخطوة التي قام بها الجهاز الطبي، فاعتقدوا أن إجراء الفحوص، وتورّم أيدي البعض دليل انتشار المرض، فيما كان الجهاز الطبي يرمي إلى وقاية النزلاء من خطر المرض أو انتقاله إليهم إذا وجد بينهم من يحمل هذه البكتيريا.
الدكتور عباس مكي، اختصاصي الأمراض الصدرية أوضح لـ«الأخبار» أن مرض السل هو عبارة عن بكتيريا تعيش داخل الخلية، وهو ينتشر بسعال المريض الذي يفرز المرض، فبعض المرضى لا ينقلونه بالضرورة. ومن مساوئ السل أنه لا يفارق المريض حتى إن تمت معالجته، وأضاف مكي أن بعض المرضى لا يتعافون منه، وقد يؤدي إلى وفاة المريض إذا عاش الأخير في ظروف غير ملائمة لمحاربة المرض، أو إن كان يعاني من ضعف في جهاز المناعة.

كيف يُحدد مرض السل؟

يقول مكي إن المرء يخضع بداية لفحص السل (PPD) من خلال إبرة تحت الجلد، وتتم مراقبته لمدة 48 ساعة، فإذا حدث احمرار أو تورم مكان الفحص، ففي هذه الحالة يتم إخضاعه للفحص الثاني. يُشار إلى أن النتيجة الإيجابية للفحص الأول لا تعني أبداً الإصابة به، فمن تعرض للحاق السل في الصغر قد تتورم يده. الفحص الثاني هو عبارة عن صورة أشعة للصدر، إذ إن 80 في المئة من إصابات السل في العالم تتركز في الرئتين، أما الفحص الثالث فهو فحص زرع البلغم، وفي هذه المرحلة يتم التأكد من الإصابة بالسل.


العلاج ومراحله...

يلفت الدكتور عباس مكي إلى أن العلاج ـــــ وخاصة في حالة التعرف إلى المرض في مرحلة متقدمة من الإصابة ـــــ على مرحلتين، تستمر كل مرحلة لثلاثة شهور. في المرحلة الأولى، يتم إعطاء المريض نوعين من الأدوية المضادة للالتهابات، والمضادة لبكتيريا السل تحديداً، وذلك بجرعات تحدد وفق حالة المريض. في المرحلة الثانية، يُعطى المريض نوعان آخران من الأدوية. ثم يُترك ليرتاح لفترة تحت إشراف طبيب مختص، ويتم التأكد في هذا الوقت من نسبة تراجع المرض. يؤكد مكي أن اكتشاف المرض في الفترة الأولى يساعد على العلاج، فالبكتيريا تكون في البدايات كتلة صغيرة في الرئة مثلاً، ولكن إذا تأخر اكتشاف المرض فإن تأثير البكتيريا قد ينتقل من الرئة إلى أعضاء أخرى من الجسم.