في التاسع والعشرين من شهر آب/ أغسطس 1921، أي منذ ثمانية وثمانين عاماً، هبّت على مصر رياح الفكر الاشتراكي، مع بدء عملية «التصنيع» التي سمحت بوجود طبقة عاملة فتية ومتنامية، طامحة لتحسين ظروف حياتها. وساهم في هذا الأمر انفتاح المجتمع المصري على الوجود الأجنبي الكثيف في ربوع البلاد، وظروف الحرب العالمية الأولى التي دفعت بأعداد غفيرة من الجنود البريطانيين المتأثرين بالفكر الماركسي إلى مصر، وهبوط أعداد من الثوريين الروس إليها، هرباً من تنكيل السلطات القيصرية، بعد إخفاق ثورة 1905
أحمد بهاء الدين *

الموجة الأولى

لم يكن مستغرباً أن تشهد مصر الموجة الأولى من التنظيمات الاشتراكية بميلاد أول حزب يساري «الحزب الاشتراكي المصري»، الذي شارك في تأسيسه الأساتذة علي العناني، سلامة موسى، محمد عبد الله عنان، حسني العرابي وآخرون. ولما كان إعلانه قد جاء مواكباً للحظات تفجّر الثورة الوطنية العظمى ضد الاحتلال البريطاني، ثورة 1919، فقد أعلن في بيانه التأسيسي أنه يستهدف العمل من أجل «تحرير مصر من نير الاستعمار الأجنبي، وتأييد حرية الشعوب، ومحاربة الاستعمار ومقاومته أينما وُجد، ومقاومة العسكرية والديكتاتورية»، فضلاً عن السعي «لإلغاء استغلال جماعة لأخرى، ومحو التفريق بين طبقات المجتمع في الحقوق الطبيعية، والسعي إلى إنشاء مجتمع اقتصادي يقوم على دعائم المبادئ الاشتراكية»، لإنهاء الحالة الراهنة، حيث «الأغلبية الساحقة في المجتمع الحاضر، قد استعبدتها أقلية صغيرة متعدية، تستأثر برؤوس الأموال وأرزاق الطبيعة، ثمرة كدّها وجهادها».

الموجة الثانية

ورغم الضربات الشديدة التي تعرض لها هذا الحزب، لم تستطع السلطة القضاء المبرم على جذوة النضال من أجل العدل والاشتراكية في البلاد. وما إن هلّت مقدمات عقد الأربعينيات من

تركز ربيع القاهرة في المحافظات الرئيسية، لكن الاحتجاج الاجتماعي امتد إلى كافة أرجاء البلاد
القرن الماضي، حتى تكوّن العديد من المنظمات والجماعات الاشتراكية، أولاً بفعل عامل موضوعي هو نمو القاعدة العمالية والعاملة، وثقافتهما في المجتمع كنتيجة طبيعية لعمليات «الرسملة» المستمرة، وثانياً بفعل التزايد المطرد للأجانب في مصر، وبالذات في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، وكذلك طوال سني الحرب التي شهدت تدفقاً كبيراً للأفكار الاشتراكية. وقد لعب عدد ملحوظ من اليهود المصريين، الذين انفتحوا على الفكر الاشتراكي بمختلف مدارسه، بفعل إجادتهم اللغات الأجنبية، ولأن بعضهم كان من أصول أجنبية، أو حاملاً جنسية أجنبية، دوراً كبيراً في الموجة الثانية من الاشتراكية التي شهدتها مصر. وكان في مقدمتهم «هنري كورييل»، مؤسس وزعيم الحركة المصرية للتحرر الوطني «حدتو»، كبرى هذه المنظمات وأشهرها ، والتي انتمى إليها خالد محيي الدين ويوسف صديق، العضوان البارزان في مجلس قيادة ثورة 23 يوليو.
ومع أن هذه الفترة شهدت تطوراً كبيراً وحقيقياً لدور الشيوعيين المصريين ونفوذهم في الوضع السياسي المصري، إلا أن هذه الموجة حملت أيضاً بذور ضعفها «التاريخي» الذي لم تسلم منه الحركة الشيوعية المصرية بعد ذلك أبداً، ممثلاً في انقساماتها، وتشرذم صفوفها، وعجزها عن توحيد أداة نضالها، حزبها، أو التوافق على برنامج موحد للنضال المشترك.
وعلى مدار هذا التاريخ البعيد، بذل الاشتراكيون المصريون جهوداً جبارة من أجل الدفاع عن الوطن وحريته، والشعب ومصالحه، وخاضوا جميع معارك مصر ونضالات كادحيها، بقوة وثبات، وتعرضوا لبطش السلطات الحاكمة، سواء كان ذلك تحت سيطرة الاحتلال، أو في ظل الدولة الوطنية حيث استشعرت الطبقات الحاكمة الخطر من وجود تنظيم يناضل من أجل مصالح الفقراء والمهمشين، ومن أجل منجز وطني حقيقي.. ومن هنا، فإذا كان من المدهش أن نرى الزعيم الوطني الكبير سعد زغلول يشن حملة مطاردة عنيفة للحزب الاشتراكي الوليد في العشرينيات حتى يتمكن من تفكيكه، وإذا كان من الطبيعي أن نشهد بطش رجل المال والاحتكارات القوي، إسماعيل صدقي، بالحركة الشيوعية المُعاد إحياؤها في الأربعينيات، فقد كان من المأساوي أن يتكرر هذا الأمر في العصر الوطني للرئيس جمال عبد الناصر، الذي شهد، في ذروة تبني الشعارات الاشتراكية، تنكيلاً دامياً بالشيوعيين المصريين في الخمسينيات وبدايات الستينيات من القرن الماضي، استهدف تصفية الموجة الثانية من التنظيمات الشيوعية التي تكونت في الأربعينيات والخمسينيات، وإكراه الشيوعيين المصريين على حل تنظيمهم المستقل والانضمام، فرادى، إلى حزب النظام، «الاتحاد الاشتراكي العربي»، وهو الأمر الذي أضعف مناعة النظام في مواجهة أعدائه، وسهّل عملية الانقضاض على حكم عبد الناصر الوطني بمجرد رحيل الرجل عام 1970.

الموجة الثالثة

شهدت حقبة ما بعد هزيمة 1967، نهضة جديدة للفكر اليساري المصري، نجح خلالها الشيوعيون المصريون في تأليف ثلاث منظمات شيوعية رئيسية، (حزب العمال الشيوعي المصري، الحزب الشيوعي المصري (8 يناير)، الحزب الشيوعي المصري)، إضافة إلى بعض الجماعات الأخرى، كتجمع «التيار الثوري» وغيرها، وُجدت بقوة على الساحة، وخاصة بعد انفراد أنور السادات بالسلطة في 15 أيار/ مايو 1971. وقد أدت مخاوف النظام من تصاعد الحركة العمالية والشعبية إلى شنه حملة استئصال عنيفة، استهدفت اجتثاث اليسار المصري من الجذور، لاستشعاره الخطر من نموّه الملحوظ، وخاصة في أوساط العمال والطلاب، المتأثرة من استمرار الاحتلال الصهيوني للأراضي المصرية والعربية، ومن السياسات الرأسمالية المنفلتة من كل عقال، والتي ضاعفت من معاناتها وفقرها.

اليسار الحكومي

وحين سعى الرئيس السادات عام 1976 لمنح نظامه مسحة ليبرالية، تقرباً إلى الغرب، وتزلفاً للولايات المتحدة، قسّم حزب السلطة آنذاك، المتمثلة بالاتحاد الاشتراكي العربي، إلى ثلاثة «منابر»: «منبر اليمين»، الذي تحوّل إلى حزب الأحرار، وتزعمه الضابط السابق والسياسي الراحل مصطفى كامل مراد، و«منبر الوسط»، حزب مصر العربي الاشتراكي في البداية، الذي تحوّل إلى «الحزب الوطني الديموقراطي»، وقام على رئاسته السادات نفسه، و«منبر اليسار»، الذي تزعمه الضابط اليساري السابق، وعضو مجلس قيادة الثورة، خالد محيي الدين، وقد تحوّل إلى «حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي» في ما بعد.
ولعب حزب التجمع، حزب اليسار الرسمي، العلني، في المرحلة الأولى من حياته دوراً كبيراً في الدفاع عن مصالح الطبقات والفئات الشعبية، وضد اتفاقية كامب ديفيد، وفي مقاومة الصهيونية والتطبيع. واتسع نفوذه السياسي بضم عدد من خيرة المناضلين والنقابيين والمثقفين المصريين، واحتلت جريدته، «الأهالي»، موقعاً متميزاً في الصحافة المصرية الملتزمة، قبل أن تدفع تطورات أوضاعه الداخلية، المعقدة والمتناقضة، بالعديد من العناصر والجماعات المتميزة، التي شاركت بدور كبير في تأسيسه، لهجران صفوفه. وأدى خضوعه المستمر لأوامر النظام ونواهيه، واستبداله سياسة الانحياز للمصالح الشعبية بأخرى تسترضي السلطة وتتجنب الصدام معها، وهي السياسة التي وضع أسسها ونظّر لها الدكتور رفعت السعيد، رئيس الحزب الحالي، تحت مسمّى «سياسة الأسقف المنخفضة»، إلى انهيار ملحوظ في نفوذه الشعبي، وتراجع دوره في الحياة السياسية المصرية، وتدني قدرته (هو وغيره من الأحزاب الرسمية المصرية) على التأثير في عملية صنع القرار الاستراتيجي في البلد.

السادات وحرب «الأرض المحروقة» ضد اليسار

كانت المواجهة قد اشتعلت بين السادات واليسار المصري بقسميه: السري (المنظمات الشيوعية)، والعلني، (حزب التجمع)، بفعل التوتر المتنامي على أرضية الانتفاضات الطلابية والعمالية ضد سياساته، والتي لم تهدأ للحظة منذ اعتلائه سدة الحكم (في أعوام 1972، 1973، و1975)، وصولاً إلى الانتفاضة الشعبية في 18و19 كانون الثاني/ يناير 1977، وهي الانتفاضة التي عبّرَ السادات عن ذعره البالغ منها وكراهيته الشديدة لسيرتها، بإطلاقه عليها وصفه الشهير الدال، «انتفاضة الحرامية». وقد مثّلت الانتفاضة لحظة فاصلة في التاريخ المصري الحديث، بعدما عمّت مصر من أقصاها إلى أقصاها، عاكسة حالة الغضب الشعبي على رفع الحكومة أسعار السلع الغذائية الضرورية، وعلى مجمل التوجهات الاجتماعية والسياسية للنظام. كانت هذه اللحظة إيذاناً بتجذر عداء النظام لليسار المصري، الذي حمّله السادات جريرة الانتفاضة، واتهمه بالسعي للانقضاض على السلطة، والعمل على «حرق مصر!».
وشن السادات وجهازه الأمني الشرس، حملة تصفية عنيفة، منهجية ومستمرة، متبعاً سياسة «الأرض المحروقة»، استهدفت القضاء على الحركة الشيوعية المصرية، ومطاردة عناصرها في الجامعة والمناطق العمالية واجتثاثهم، وفي أوساط الصحافيين والمثقفين، في الوقت الذي كان يتأكد الصعود القوي لجماعات وتنظيمات «الأصولية الإسلامية» بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، في المجتمع، مستفيدة من ظروف عديدة مواتية، في مقدمتها هزيمة المشروع القومي من جهة، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية الحادة في توجهات النظام، بتبني سياسات «الخصخصة» و«التغيير الهيكلي»…إلخ من جهة أخرى، مما وفر الشروط لتقاطع مصالح هذا التيار مع نظام السادات، وصولاً إلى التحالف المعلن بينهما. وهو الأمر الذي تجسّد في إطلاق معتقلي الإخوان، ومنحهم حرية الحركة، واحتضان دعاة الجماعة، والتعاون معها إلى أقصى درجة في مواجهة بقايا النظام الناصري وتراثه، السياسي والاجتماعي، ومن أجل تصفية اليسار الشيوعي المصري، النشط وسط الطلاب والعمال والمثقفين.

وحرب الخارج أيضاً!

أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد اندفع النظام الساداتي للارتماء في أحضان الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلن يقينه بامتلاكها «99% من أوراق اللعبة»، واتجه للصلح المنفرد مع العدو الصهيوني، وهو ما تم ترسيمه في اتفاقية «كامب ديفيد» في ما بعد، والمشاركة الحماسية في حمى الحرب ضد المعسكر السوفياتي في أفغانستان، عن طريق إمداد فيالق «المجاهدين» من قوات أمراء الحرب الأفغان بمقاتلين مصريين من عناصر الإخوان والتيارات الإسلامية الجهادية الأخرى، بعدما تعاون في تأهيلهم وتسليحهم مع المملكة العربية السعودية، والاستخبارات الباكستانية، وبرعاية الاستخبارات المركزية الأميركية ودعمها، كما هو ثابت ومنشور.
وكان من نتيجة هذه الحرب الضارية أن أصيب اليسار المصري في مقتل، وتفككت المنظمات الأساسية الممثلة للحركة الشيوعية المصرية الثالثة، التي كانت قد بدأت في التكوّن عقب هزيمة حزيران. ولم يشف اليسار المصري حتى الآن من جروحه الدامية، التي ترتب عليها تهميش دوره في الحياة السياسية المصرية، وتراجع نفوذه المادي والأدبي وسط العمال وفي الجامعات وفي باقي هيئات المجتمع، على الرغم من هيمنته المعترف بها في أغلب مناحي الحياة الإبداعية والفكرية (مسرح، سينما، أدب، صحافة … إلخ)، وبالرغم أيضاً من مشاركة عناصره ورموزه في قيادة أغلب حركات الاحتجاج الاجتماعي والسياسي، وكل لجان العمل الوطني المعادي للصهيونية والإمبريالية والمناهض لـ«التطبيع»، وفي تأسيس حركات الاحتجاج السياسي والاجتماعي الجديدة وقيادتها، وعلى رأسها الحركة الأم، «حركة كفاية».

التحدّي الجديد لوجود اليسار المصري

لم تشهد مصر، ولا أي دولة أخرى من دول المنطقة والعالم، حجم ما شهدته وتشهده هذه السنوات من فورات وانتفاضات احتجاجية، على كل المستويات. وقد شارك في هذه العملية الكبرى، التي انطلقت عقب الميلاد اللافت لحركة «كفاية» أواخر عام 2004، والتي ما زالت مستمرة حتى الآن، مئات الآلاف من العمال والعاملين والموظفين والمستخدمين… إلخ.

التحركات الاحتجاجيّة ظلت في أغلبها جزئية، ذات أبعاد اقتصادية، ولم تتعدَّ شعاراتها حدود المطالبة بتحسين ظروف العمل
وإذا كان «ربيع القاهرة السياسي» قد تركّز في عاصمة البلاد وأطرافها والمحافظات الرئيسية، فقد امتدت المساحة الجغرافية لحركة الاحتجاج الاجتماعي، التي شهدت نمواً متسارع الوتيرة خلال العامين الأخيرين، من الإسكندرية في أقصى الشمال، إلى أسوان في أقصى الجنوب، ومن أقصى الشرق حيث يتعرض بدو سيناء لضغوطات أمنية مكثفة، إلى أقصى الغرب، في السلوم، حيث تتكرر الشكوى من بطش السلطة وقهر الأجهزة محطمة جدران الخوف والرهبة والرعب من عسف السلطة وأجهزة قمعها. وشارك في وقائعها، لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، فلاحون وعمال صناعيون، وأساتذة جامعيون، ومدرسون، ومستخدمون وربات بيوت ومواطنون عاديون، منكوبون في بيوتهم أو أرزاقهم. بل شارك فيها للمرة الأولى قضاة مصر، الذين هم بحكم النص الدستوري جزء لا يتجزأ من أركان السلطة، والموظفون الحكوميون الذين لم يُعرف عنهم تاريخياً امتلاك شجاعة تحدي «رب عملهم» الأوحد، صاحب اليد الباطشة: الحكومة.
وإذا كان طابع هذه التحركات سياسياً (للمطالبة بالحرية والديموقراطية ودولة الحق وسيادة القانون) في جانب، واقتصادي في جانب آخر، (يطالب بوضع حد لتردي أحوال المعيشة وانهيار كل الخدمات الضرورية في المجتمع)، فقد تميزت جميع هذه التحرّكات بميزات عدة، أهمها اتساع مساحات انتشارها جغرافياً حيث غطّت تقريباً جميع محافظات مصر، واجتماعياً، حيث انتشرت وسط معظم فئات المجتمع وطبقاته، وباتساع حجم المشاركين في أحداثها، حيث بلغوا في بعضها عشرات الآلاف، بالذات في التحركات العمالية والفلاحية، وأيضاً بالشجاعة في المواجهة، والابتكار في أساليب العمل، وباشتراك قطاعات جديدة من المجتمع في الحركة، وبالذات المرأة، التي مثّل وجودها في المقدمة حافزاً قوياً، ومنجزاً، في الكثير من هذه التحركات.
لكن أهم ما تمخضت عنه هذه الموجات الاحتجاجية العارمة يتمثل في ميلاد المئات من القادة الطبيعيين، المتخلقين من قلب الأحداث ومن بين الصلب والترائب، والذين ألقت بهم التجربة إلى لهيب الصراع الدامي في مواجهة الأجهزة القمعية لواحد من أعتى نظم البطش والاستبداد.
غير أن هذه التحركات الاحتجاجية الواسعة ظلت في أغلبها، حتى الآن، جزئية، ذات أبعاد اقتصادية، لم تتعدَّ شعاراتها حدود المطالبة بتحسين ظروف العمل وبعض المكتسبات المحدودة، كما لم تصل إلى حدود التنسيق الفعّال بين أطرافها، أو الالتحام بحركة الاحتجاج السياسي للمثقفين، أو تبنّي برنامج محدد يقدم البديل الموثوق به للنظام المتهرئ الحالي، ويهدف إلى إنجاز عملية التغيير السياسي والاجتماعي الشامل المرجوّة، التي بدونها ستظل مصر تدور في دائرة التخلف والاستغلال والفاقة والانهيار، إلى ما لا نهاية.

فرصة تاريخيّة

وهذا الوضع طبيعي ومنطقي، بعد عقود طويلة من «تأميم» السياسة في المجتمع، ومصادرة آليات إدارة الصراع الاجتماعي في البلاد. وليس سوى اليسار المصري، بأفكاره، من يستطيع أن يلعب دوراً حقيقياً، في نقل النضال الاحتجاجي من صورته الأوليّة الراهنة، إلى وضعية أرقى، أكثر وعياً وتحديداً، وأكثر انفتاحاً على أفق التغيير السياسي الشامل، الضروري والمطلوب!
فأمام اليسار المصري فرصة تاريخية سانحة للخروج من أزمته المستدامة، بتجذير برامجه، وتصليب عود قياداته، وغرسها عميقاً في الطين المصري المتعطش، استجابة للظرف الموضوعي المواتي بشدة، لأول مرة منذ عقود وعقود. فإن أحسن استغلالها سينهض، مثل طائر العنقاء من رماد حرائقه، ويحلّق في سموات الوطن العُلى، وإن أهدرها فلا يلومن إلا نفسه، فالفرصة، دائماً، كما يقولون، لا تأتي إلا لمن يستحقها.
* أحد مؤسّسي
حركة «كفاية» في مصر