البقاع ـــ عفيف ديابنظّمت الجامعة اللبنانية الدولية ـــــ فرع البقاع جولة لمجموعة من طلابها من مختلف الاختصاصات في مخيم الجليل للاجئين الفلسطينين قرب مدينة بعلبك. وهدفت الجولة إلى تعريف الطلاب على حياة سكان المخيم في مختلف جوانبها، وعلى إطلاعهم عن كثب على «الغياب التام لمبادئ حقوق الإنسان في حدها الأدنى هنا»، وفق منظمة الجولة، أستاذة مادة القانون في الجامعة، خلود الخطيب. وبينما قدمت الخطيب شرحاًَ ميدانياً لطلابها، فوجئ هؤلاء بمدى غياب أبسط معايير حقوق الإنسان عن المخيم. خلال جولتهم، استمع الطلاب إلى شروح مفصلة عن تاريخ المخيم وكيف تحولت إسطبلات الخيول (البركسات) في الثكنة التي أورثها الانتداب الفرنسي إلى الدولة اللبنانية غرفاً لسكن اللاجئين من معظم قرى وبلدات الجليل الفلسطيني المحتل حيث يقطن في الغرفة الواحدة نحو 5 أفراد، فيما يبلغ عدد سكان المخيم اليوم «نحو 3500 نسمة يتقاسمون في ما بينهم حوالى نصف كيلومتر مربع» حسب ما قال الناشط في المركز الثقافي الفلسطيني في المخيم عماد الناجي.
وقد تركزت أسئلة الطلاب خلال حواراتهم مع أهالي المخيم على كيفية مواجهتهم لصعوبات حياتهم اليومية في ظل غياب أبسط الخدمات. واستغربت الطالبات «كيف يمكن هؤلاء الناس أن يتنفّسوا طبيعياً في هذه الغرف المكتظة»؟ فيما ركز الطالب أحمد سعد الدين على ما إذا كان من دور للمحامي الفلسطيني في ممارسة المهنة في لبنان والدفاع عن مواطنيه أمام المحاكم اللبنانية، ليكتشف أن الفلسطيني ممنوع من العمل في المهن الحرة اللبنانية، وفي العشرات غيرها من المهن الأخرى. وناقش الطلاب مع عدد من سكان المخيم مسألة الأمن داخل مجتمعهم، ودور الأمن اللبناني الرسمي في حفظه، ودور اللجنة الشعبية في التواصل مع السلطات اللبنانية، لتنكشف أمام الطلاب حقيقة واضحة هي أن مخيم الجليل من أكثر المخيمات أمناً وهدوءاً في لبنان، ما دفع أحدهم إلى التشكك قائلاً:» لا ندري لماذا تسيطر علينا فكرة أن المخيمات الفلسطينية في لبنان هي بؤر أمنية متوترة دوماً؟ للأسف لم نكن نعرف أن هنالك قضايا أخرى داخل المخيمات لا تختلف عن القضايا التي نعانيها في قرانا وبلداتنا. وللأسف وجدنا في مخيم الجليل قضايا ثقافية وفنية وإنسانية نفتقدها في مجتمعنا»!
واكتشف الطلاب اللبنانيون من مختلف مناطق البقاع الغربي وراشيا والجنوب مدى تقدم المستوى التعليمي داخل مخيم الجليل، إذ أكد لهم مدير ثانوية القسطل أن نسبة التعليم عند سكان مخيم الجليل هي 100% وأن التفوق في الامتحانات الرسمية اللبنانية هو من نصيب الطلاب الفلسطينيين في منطقة بعلبك. سيطرت الدهشة على الطلاب اللبنانيين حين اكتشفوا أن في مخيم الجليل نادياً لتعليم الموسيقى والغناء والأنشطة الفنية الأخرى، حيث شاركوا في إحدى الحصص الموسيقية مع طلاب من المخيم في أداء أغنية «هيلا يا واسع (...) وبلد الحبايب ما هي بعيدة»، لتختتم الجولة بالاطلاع على أحوال بعض الأسر التي لا تزال مقيمة داخل المخيم بعدما تحول بقية أفرادها إلى لاجئين في بلاد أوروبية، ليكتشف الطلاب أن السبب الأساس لهذه الهجرة الفلسطينية يعود إلى حرمانهم أبسط حقوقهم المدنية والإنسانية.


شجرة حقوق الإنسان لم تثمر بعد

أمام باحة ثانوية القسطل داخل مخيم الجليل التابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين تحتل شجرة حقوق الإنسان التي رسمها أطفال الجليل مكاناً بارزاً. وقد احتضنت أوراق الشجرة التي تحولت إلى درس يومي للطلاب عناوين أساسية من شرعة حقوق الإنسان الفلسطيني على أراضي الجمهورية اللبنانية: «الحق في التعليم، وفي حرية التنقل. وفي العودة، والحماية، والعمل، واللعب، والهوية، والحق في عدم التمييز، والمشاركة، وفي حرية التعبيير، والحق في الرعاية الصحية». وإلى جانب شجرة الحقوق الإنسانية، لوّنت خريطة فلسطين وزيّنت بشعار حق العودة لتزيّن الجانب الآخر من الثانوية.