ملاك وليد خالدتذكر اليوم تهكم صديقها على قصص الأطفال التي تحبها. قال لها: لا تعتقدي أن النملة ستكون هانئة ومطمئنة بغلّة حصادها، ولا أن الصرصار سيطرق بابها قريباً راجياً ومتوسلاً حبّةَ قمح. فالمغنون واللاهون وكسالى هذه الأيام صاروا يأكلون الكافيار ويرفلون في نعيم الدفء الاصطناعي مهما كان الفصل خارج شققهم وفيلّاتهم الفلكية الأسعار.
يومها ضحكت للفكرة: تصورت صرصاراً يركب مرسيدس، يتبختر بالسموكينغ ويدخن سيجاراً وبجواره تتدلع «صاحبته» الفراشة بينما تلبس النملة، يا حرام، روباً صوفياً مرقعاً وتنظر إليهما بحزن من وراء زجاج تضيئه قناديل التعب.
هي عاشت لليوم وتعلمت دروس الحياة بالطريقة الأصعب: لم تكن ابنة عائلة ذات نفوذ، ولا تملقت ومسحت جوخ ولا بدّلت في مواقفها المبدئية والأخلاقية، كما يفعل الكثير من صراصير جيلها وبعض من صاروا اليوم «دبابير». سمعت االنملة كلام أمها: المصاري ما بتشتري الاحترام، والحياة مواقف مش ممتلكات. رغم أن كثيراً ما قهرها أن «المواقف» عند بعض الآخرين هي مرادف لـPARKING السيارة. فقد رأت كيف شغلت سيارات كثيرة مواقفهم. تماماً كالمواقف التي تكاد تبتلع البلد والمبلغ المرصود لشغلها رخيص حقاً «ألفي ليرة الله لا يكسر حدا، قد سرفيس واحد ببيروت هالأيام».
النملة التي تعلمت فك الخط في مدرسة عادية، ودرست وتفوقت في الجامعة اللبنانية وغاصت في وحول التمييز والعنصرية، وهما منتجان لبنانيان يحبهما الناس ها هنا من منطلق: بتحب لبنان، حب صناعته. ومع ذلك: ما ضيعت طريقها ولا رقصت على حبال أغرت الآخرين بالمغامرة السريعة لمحاولة التوازن عليها.للصديق الذي لم يعد موجوداً، تقول اليوم: بلى، من زرع حصد. فالنملة ذاهبة إلى أكسفورد بمنحة.