رنا حايكبلادنا طاردة. وزاراتنا تحفّز على التفوّق ولا تقدم الأدوات لتحقيقه. مجتمعاتنا متطلّبة، تقصي المتعثّرين، رغم أن الجميع واقعون في الدوامة المعيشية ذاتها. فأهل العروس يريدون دائماً «شاباً متعلماً ومقرشاً»، والوظائف تطلبه دائماً «متعلماً بأحسن جامعة ويتقن لغات»، فيما يمكن أن لا يمتلك المجتهدون فرصة ارتياد جامعات «مرتبة». في المقابل، هناك شابات حزن شهادات عليا في أحسن الجامعات ولم يحظين سوى بوظيفة يتقاضين عنها 600 دولار شهرياً. ماذا يبقى، في ظل هذه الفوضى العارمة، سوى الهجرة؟
طبعاً، بالإضافة إلى هذه المشاكل اللبنانية، هناك مشاكل قمع الحريات في البلاد العربية الأخرى.
بعض الشباب يستسلمون للواقع المرّ، ويقاتلون طواحين الهواء. بعضهم ينسلخ عن محيطه ويرطن بلغة أجنبية، بينما يسد أنفه كلما مر بجانب جبل النفايات في... «وطنه». أما البعض الآخر، الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، فيهتدون إلى الطريق الأقرب لـ«النجاح». معظم هؤلاء يحترفون «الثقافة» ويمتهنون منها تحديداً «ثقافة الحوار والانفتاح على الآخر» ليكسبوا صيت «الليبرالية والمرونة» أمام ممثلي المجتمع الغربي من جمعيات مدنية وثقافية، علّهم ينالون من الطيب نصيباً.
في هذه الأثناء، تعقد مئات المؤتمرات الشبابية لتبرر توظيف التمويل الذي تتقاضاه: فيها، يناقش كل شيء سوى المأزق الحقيقي.