عكار ــ روبير عبد اللهلم تعد طريق القبيات الهرمل في المنطقة الواقعة بين المرغان والشنبوق محفرة. فغدت حفرة واحدة أو مجموعة حفر متصلة، مسافة أقصرها قرابة المئة متر. ويبلغ طول الجزء الأكبر من تلك الطريق زهاء 5 كيلومترات، ولا ينقصها إلا عبارة «مخصصة للشاحنات فقط أو للسيارات الرباعية الدفع».
بمرور الشاحنات غاب لون الأحراج والبساتين الأخضر عن جانبي الطريق، بعدما غطتها سحب الغبار مع مرور كل شاحنة. ولا تتوقف الأضرار بحدود ما عجزت الحرائق عن ابتلاعه من أجمل منطقة حرجية في لبنان، كما لا تتوقف عند ما يصيب الشاحنات من أعطال ومن مخاطر هائلة، وخصوصاً في بعض المنعطفات حيث انحرفت إحداها في الأسبوع الماضي، وكانت محملة بعشرات الأطنان من الحصى، فأتلفت بالكامل ونجا السائق بأعجوبة. فمنطقة الشنبوق التابعة للقبيات منطقة زراعية بامتياز، فيها مساحات شاسعة من الأراضي المروية. والمنطقة في طور تحولها إلى منطقة سياحية بالنظر إلى برودة الطقس فيها في فصل الصيف.
لولا وجود بيوتنا وبساتيننا لكنا هجرنا المنطقة بسبب الغبار
وبعد سنوات من تراجع الزراعة لمصلحة العمل الوظيفي، عاد الناس، لضيق أحوالهم، إلى زراعة أرضهم. لكن صعوبة التنقل تعيق حركة المزارعين. وهذا ما اضطر البعض مثل حبيب موسى وفريد موسى للنوم في خيمة نصباها في أرضهم. هذا فضلاً عن أن العديد من أصحاب الأراضي بنوا منازل لهم فتجاوزت الثلاثين منزلاً، بالإضافة إلى الاستراحات والمزارع.
يبدي الناس استياءً من التلكؤ في معالجة الطريق، فيقول أحد المزارعين سليم مخايل إنه لا حياة لمن تنادي، وقد حرمنا من حضور القداديس في كنيسة الشنبوق، ولولا وجود بيوت وبساتين لنا، لكنا هجرنا المنطقة.
أما المحامي جوزاف مخايل فعبّر عبر عن غضبه مما وصفه بالزفت الانتخابي الذي توقف عند حدود المرغان، ولم يبلغ المناطق التي يعتاش منها الكثيرون من أبناء القبيات. وكان المحامي مخايل قد أصدر بياناً ناشد فيه المسؤولين «المبادرة فوراً لمعالجة موضوع الطريق العام الدولي التي تربط بلدة القبيات والشمال عموماً بمنطقة الهرمل والبقاع»، وأشار إلى أن الناس لا يمكنهم ارتياد أراضيهم إلا بواسطة الجرارات الزراعية.
وأفاد رئيس بلدية القبيات بأن الهيئة العليا للإغاثة باشرت منذ سنوات بإصلاح الطريق. ولكن المبالغ المرصودة، إضافة إلى معيقات أخرى، تحفظ عن ذكرها لعدم رغبته بالتجريح وإثارة حساسيات مناطقية. لأسباب عدة، يقول رئيس البلدية، تعثر إنجاز كامل المشروع. لكنه أشار إلى أن متابعات حثيثة تجري مع وزارة الأشغال، يأمل أن تفضي إلى استكمال المشروع، بالإضافة إلى طرق حيوية أخرى في بلدة القبيات.
دائماً عكار والهرمل متروكان للحاق بركب النافذين من أجل الحصول على أبسط الحقوق، وفي العديد من الأحيان يكون فسح المجال للاجتهاد المحلي مدعاة توترات تستنفر عصبيات، ضبطها مكلف جداً. فمتى يصبح إنجاز المشاريع العامة وفق معايير تضعها الدولة، فتقطع الطريق على المصطادين بالماء العكر؟