رامي زريقثمة لبنانيون لا يستطيعون إخفاء إعجابهم بالإسرائيليين. يرددون الروايات الباهتة عن إنجازاتهم الوهمية وكأنها جزء من كتاب مقدس. يصبح هؤلاء عن قصد أو عن غباء، جزءاً من الماكينة الإعلامية الصهيونية، وهذا من خلال رسم صورة «حضارية» للكيان الغاصب. ومن المؤسف أن تنقل هذه الروايات البروباغندية في الصحافة اللبنانية وإسرائيل لا تزال تحتل قسماً كبيراً من أراضي الوطن وتعتدي يومياً على سيادته، وخاصة عندما يكون الكتّاب منتمين إلى فريق «السياديين». مثال على ذلك، ما ورد أخيراً في صحيفة لبنانية ناطقة بالفرنسية من مديح وإعجاب بأكذوبة «تخضير الصحراء»، المتفشية في المجتمع الغربي. إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك. ففي بداية الأمر، لم تكن فلسطين يوماً صحراء، لا بل كانت تصدّر القمح والزيتون إلى أوروبا في أواسط القرن التاسع عشر، كما أن المناطق الساحلية الممتدة من الناقورة حتى غزة كانت تنتج خيرة الحمضيات. أما في المناطق الصحراوية مثل صحراء النقب، فهي لا تزال صحراء. إلا أن سكانها الأصليين من بدو وحضر، كانوا قد ابتكروا أساليب مبدعة لحصاد الأمطار وتربية المواشي. ولكن الاحتلال الإسرائيلي شرّد الحضر وفرض التحضر على البدو إلى أن دمّر إنجازاتهم التاريخية. ثم أعاد العلماء الصهاينة اكتشاف طرق حصاد الأمطار ونسبوها إلى أنفسهم ليروّجوا أكذوبة تخضير الصحراء. أما المستعمرات الزراعية، فقد اعتمدت على أساليب الإنتاج المكثف التي أدت إلى اضمحلال الموارد المائية وتلوثها. ويجدر الذكر بأن رسالة إسرائيل «التخضيرية» تتضمن إنجازات رائعة مثل اقتلاع مئات آلاف أشجار الزيتون المعمرة وحرق مئات الدونمات المزروعة، ما يجعل من الإسرائيليين محط إعجاب بعض اللبنانيين، صانعي الصحراء لا مخضريها.