خرج مخيم الشباب الوطني الخاص باللبنانيين المقيمين والمغتربين في بلدة كفرحونة (جزين)، عن التقليد السنوي في تحقيق التلاقي بين الشباب المقيم والمغترب، ليتحول، بعيداً عن الترفيه، إلى مخيم تدريب على التربية البيئية والصحية والفنية، وعلى كيفية التفاعل مع المجتمعات المحلية
كامل جابر
شارك في المخيم، الذي أعدته منظمة «الإغاثة الدولية» بالتنسيق مع نادي «شباب لبنان المقيم والمغترب»، بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، 120 شاباً وصبية من مختلف المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى عدد من الشباب المهاجر الذي يزور بلده الأم خلال الصيف. خلال انعقاده، حاول القيمون مقاربة هموم الشباب في مختلف المناطق اللبنانية، «وخصوصاً بعدما انتدب نحو ثلاثين شاباً وصبية ليجلسوا خلف طاولة مستديرة بعدما توزعوا مجموعات بحثت وناقشت في مختلف هموم الشباب المناطقية، ثم اتفقت على صيغ وقرارات مشتركة ستجعلها، من خلال منتدى شبابي يتواصل بعد المخيم، مشاريع قابلة للتنفيذ ولجلب استثمارات من جهات مانحة وممولة» كما تشرح إحدى المديرات المسؤولات عن المخيم شيراز المجلّي.
ويشير مدير التدريب في منظمة الإغاثة الدولية (أوسي)، بلال كبارة، إلى أن الهدف من التدريب الذي خضع له الشباب في المخيم كان الإضاءة على مشاكلهم المختلفة لكي يتمكنوا من تحديد أولوياتهم كشباب. أفسح لهم المخيم فرصة طرحها وتداولها والتفكير فيها ودرسها بغية البحث عن حلول لها واقتراحها ومناقشتها لتحويلها إلى قضايا يسعون إلى تحقيقها. فـ«قدراتهم الفكرية والثقافية والعلمية وموقعهم بين أهلهم تمنحهم الحق في لعب دور فعال في مسألة التنمية الاقتصادية من خلال بذلهم مجهوداً لجلب الاستثمارات وتعميم فكرة الطاقات البديلة»، كما يقول.
تتمنى زينب ريشوني (17 عاماً) من بلدة كفرحونة أن يأخذ الموضوع الثقافي «الأهمية الأولى من حيث اهتماماتنا، لكن من خلال اللقاءات المتتالية تبدت مشاكل أكثر إلحاحاً في الوقت الحالي، منها أولوية التعليم وإيصال الجامعة الرسمية إلى مختلف المناطق اللبنانية. وجدنا من خلال المخيم إمكانية كبيرة للتلاقي، ما أتاح لنا التفكير في إقامة ناد تتمثل فيه مختلف المناطق اللبنانية، بعدما وضعنا السياسة جانباً، وابتعدنا عن الدين والطائفة والمذهب».
فوجئت مروة عنتر (19 عاماً) من حرار، عكار، بحجم المعلومات والقضايا المطروحة في المخيم «التي مثّلت صدى ما تعلمناه في المرحلة الثانوية. هنا تلمست أهميتي في المجتمع كعضو فاعل. شعرت بأن صرخة أبناء عكار تجاه الحرمان، ستصل من هنا، من الجنوب على أمل أن نحقق الكثير من أحلامنا. أحسست بحقيقة حاجتنا إلى الجامعة، نحن في عكار نمتلك قدرات مالية رهيبة، لكنها خاصة لا تحقق التنمية ولا تضع المنطقة الغنية بجبالها الرائعة ومواقعها الأثرية على الخريطة السياحية مثلاً».
يشعر أسامة المرقباوي، الآتي من حلتا ــــ عكار أيضاً، بأن مشاركته في المخيم كانت باباً جديداً للتواصل، بعد إزالة الفوارق: «هنا توحدنا بهمومنا ومشاكلنا بغض النظر عن انتماءاتنا السياسية والطائفية والمذهبية؛ وإن تباعدنا بالسياسة، فقد تلاقينا في الثقافة والتنمية السياحية والهموم، وبرأيي هذه أبواب من أجل اللقاء المستمر ورفع الصوت». إلى جانب التدريب، نفّذ المشاركون سلسلة من النشاطات الفنية والسياحية والتنموية خارج منطقة كفرحونة، كما ساهموا في تنظيف شاطئ صور من نحو ثمانية أطنان من النفايات. ويعول ممثل منظمة الإغاثة الدولية في لبنان عماد حمزة على أن يخرج المخيم بطاقات شبابية «أكثر معرفة وأكثر قدرة على الانخراط على المستوى البلدي والمجتمعي من أجل الإسهام إيجاباً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية».


هموم مشتركة وحّدت الشباب

هي المرة الأولى التي تشارك فيها ربى مراد (18 عاماً) من جبيل في مخيم، والمرة الأولى التي تزور فيها كفرحونة. هنا، انتسبت إلى إحدى مجموعات العمل التي تتكوّن من مناطق مختلفة، «حملنا مشاكل مناطقنا إلى مجموعاتنا وناقشناها جدياً، هي متشابهة إلى حد كبير، وخصوصاً في مجالات التنمية والتعليم والسياحة؛ فوصلنا إلى قواسم مشتركة بين مختلف محافظات لبنان. عبرنا عن افتقادنا للترفيه، الأمر الذي يسبب نزوحاً كبيراً، وأعطيت نموذج منطقة جبيل التي تفتقد إلى مشاريع سياحية جدية وإلى جامعة رسمية تخفف عن كاهل الناس». أجمل فرصة حصلت عليها ربى «أنني أتيت إلى الجنوب وتعرفت على مناطقه وناسه وحجره من دون خلفية مذهبية. إنه منطقة من أجمل مناطق لبنان».