ريتا بولس شهوانتقطع مروة حديث أمها المنسجم مع عميد كلية الطب بعبارة «ما بدي اشتغل هالشغلة»، لكن الوالدة لا تعيرها انتباهاً، بل تكمل الاستفسار عن المواد الخاصة بقسم الطب، رغم ذكرها لآخر إحصاء قرأته في إحدى المجلات، عن تضخم «سوق الأطباء» في لبنان.
تتدخل الفتاة في الحديث مجدداً، لتذكّر والدتها بأنها لا تريد العمل في مجال لا يجذبها، فتجيبها الأم بلغة صارمة «هيدي مهنة بتطعمي خبز مش كلام بكلام». ومروة هي تلميذة تخرجت حديثاً، تحلم منذ سنوات بدراسة الأدب العربي، إلا أن أهلها مقتنعون بأن الأدب «منو شغلة»، بينما المهن التقليدية ضمانة «أبدية».
عدد كبير من التلامذة يرضخ لرغبة الأهل تحت حجة «أهلي بيدفعوا القسط» أو «بييّ بيحلم يشوفني مهندس». آخرون يحلمون، وإن رضخوا لاختيارات ذويهم، بالتخرج للبدء من جديد باختصاص يحبونه.
سمر لم تكن تعرف بماذا تريد التخصص عند الانتهاء من الدراسة المدرسية، إلا أن والدها نصحها باختيار المحاماة كاختصاص «يضمن لها مركزاً مرموقاً في المجتمع». تعترف سمر بأن المركز الوحيد التي وصلت إليه كان «تضييف القهوة» في مكتب محاماة لصديق والدها، إذ إن الأخير نصحها باحتراف التمثيل «ولو ما بيطعمي خبز»، لأنه وجد أنها موهوبة فيه، فيما هي غير نافعة «بعالم الكذب والنفاق». فعلى الأهل أن يعوا أن أبناءهم لن ينجحوا سوى في الاختصاص الذي يختارونه طوعاً، أما إذا أُجبروا عليه فلن يكون سوى «الخطوة الناقصة» الأولى في مستقبلهم.