في كلية الآداب الفرع الرابع ـــ زحلة، يجتهد رجال التحرّي في البحث عن مروّجي المخدرات ومتعاطيها. إلا أن بعضهم ينحرف بمهمته عن مسارها... أمام الصبايا
البقاع ــ أسامة القادري
يلتزم رجال التحرّي المكلّفون متابعة ملف ترويج المخدرات في جامعات البقاع بقواعد السرية التامة، إلا أن بعضهم يعجز عن مقاومة الغواية، فيعلنون عن هويّاتهم طمعاً في استمالة الطالبات الشابات. بعضهم يذهب حتى استغلال مركزه وطبيعة عمله، لإرهاب الطالبات وتهديدهن بالتشهير بهنّ استناداً إلى تهمة «مفبركة» إذا رفضن التجاوب مع تحرشاتهم.
تتردّد (ن.ع)، رغم وثوقها بأن اسمها لن يرد في التقرير، قبل أن تروي قصتها: «كنت خارجة من كافيتيريا الجامعة، حين مرّ أحدهم بالقرب مني وقال لي.. أربع سيكارات، مش طيبة عالناشف.. لما بتكون ملغومة بتكون أطيب». تتنهّد الطالبة قبل أن تكمل حديثها «غبت عن الجامعة طوال الأيام الثلاثة التي تلت تلك الحادثة، خوفاً من أن يكون هذا التحري ينوي بي السوء..»، داعيةً زميلتها «خبّريه شو صار معك». تقبل (ص.و) أن تتلو قصتها بعد أن تتأكّد للمرة الألف أن اسمها لن يرد في التقرير: «صرنا نخاف حتى نحكّ بأنفنا.. حتى ما يظنوا إننا بنتعاطى». بهذه الكلمات تحاول الطالبة أن تفسر حالة الخوف التي وصلت إليها الطالبات من ملاحقة رجال الأمن لهنّ إلى أن أصبحوا هاجسهن في تحركاتهن وتصرفاتهن داخل الجامعة. «ما عاد عنا ثقة حتى بالطلاب والطالبات». فقد حل التوجس بدل الاطمئنان مع حلول القوى الأمنية في الجامعة، بسبب السلوك السيئ للبعض منهم.
تؤكد س. ي كلام زميلتها بشأن عدم مهنية جميع رجال الأمن داخل الجامعة، إذ يعمد بعضهم إلى تحديد علاقته بالطالب وفقاً لانتماء هذا الأخير السياسي، ما خلق لدى الطلاب نوعاً من التشكيك، ومن عدم الثقة بصدقية عمل التحري، وخصوصاً أن هذا الأخير لم يعد «سرياً» كما يُفترض به أن يكون.
يروي (ح. ز) كيف ربح ذات مرة الشرط حين راهن زملاءه على معرفة هوية أربعة رجال تحرٍّ كانوا قد دخلوا الجامعة للمرة الأولى. يومها، شك (ح) في أن الداخلين إلى الكافيتيريا هم رجال أمن، فيما سخر منه زملاؤه لأنه أصبح يعتقد أن «كل شخص تحرٍّ»، كما قالوا له ساخرين. سخرية تراجعوا عنها بعدما وجدوا الحق معه، إذ كان من السهل اكتشاف هوية الشباب. فما إن قال (ح) لأصدقائه بصوت مسموع «إيدي بعدها مورمة من الإبرة التي أخذتها مبارح»، حتى التفت الرجال الأربعة صوبه معاً قبل أن يكمل «مورمة من إبرة فحص الدم». بهذه الطريقة عُرف بعض التحريّين الجدد، وانتشر الخبر بين الطلاب، فيما وفّر بعضهم الآخر عناء تنفيذ الخطط على الطلاب، إذ لم يبذلوا أي جهد لإخفاء هوياتهم بل أعلنوها.
«مش كلن جايين يراقبوا المروجين والمتعاطين. بعضهن جايين يطبقوا بنات» بهذه الخلاصة، تحاول (ش.ح) الاعتراض على التحوير الذي يقوم به بعض العناصر الأمنيين لمهماتهم داخل حرم الجامعة، وخصوصاً أنها لم تسلم، بدورها، من غمزات أحدهم وإشاراته، رجل أمن تعرفه جيداً لأنه ابن بلدتها، لم يتوانَ عن طلب الخروج معها في موعد خارج حرم الجامعة، كما لم يتوانَ، حين رفضت، عن تهديدها بأن اسمها سيكون على «لائحة المتعاطين»، ما خلق لديها حالة من الخوف دفعتها إلى التخلف عن الحضور إلى الجامعة لمدة أسبوع بحجة المرض.