الحدود الجنوبية ــ عساف أبو رحالفي اليوم الرابع لبدء المناورات الإسرائيلية، يسترعي الانتباه إصرار أهالي الشريط من الجانب اللبناني على مواصلة حياتهم اليومية. هكذا، ينكبّ مزارعون على حصاد القمح، وآخرون يقطفون الخضر ويوضبونها. أما ورش البناء، فغير معنية بالمناورات من قريب ولا من بعيد. رعاة المواشي همّهم إطعام خرافهم وماعزهم، «ومن بعد حماري ما ينبت حشيش». في المختصر، حركة عادية، أو لنقل إنها تريد أن تبدو كذلك. في المقلب الآخر من الحدود، نشاط مماثل، وإن اختلفت وجهته، سيارات مدنية تعبر الطريق الرئيسي بين الجولان ومنطقة الغجر، منتجعات سياحية واصلت نشاطها ولم تتأثر بصفارات الإنذار في اليومين الماضيين، فيما شُغل موقع الاحتلال في الضهيرة جنوبي بلدة العباسية بأعمال الحفر والتدشيم، بعيداً عن أي مظهر من مظاهر الاستنفار، لكنّ طوافة الخط الأزرق التابعة لليونيفيل هي الوحيدة التي جالت مستنفرة على ما يبدو في طلعات جوية متتالية، تزامنت مع دوريات يمكن وصفها بالروتينية من موقع العباد غرباً حتى مرتفعات العرقوب شرقاً.
في منطقة المجيدية، وتحديداً السهل القريب من الشريط الحدودي وموقع اليونيفيل، توزعت عشرات الفتيات والعمال وسط حقول الخضر، لجمع ما أمكن من الخيار والبطيخ والقثاء التي حان قطاف مواسمها، فيما اصطفّت سيارات النقل على جانبي الطريق لنقل المنتج إلى الأسواق اللبنانية وتصريفه. يقول إبراهيم طه: «سمعنا في وسائل الإعلام عن مناورات يجريها الاحتلال، لكن هنا على الأرض لم نر شيئاً، وعملنا لم يتأثر بشيء». ويضيف كمال عبد العال من مزرعة حلتا: «إن المزارع الحدودي اعتاد الممارسات الإسرائيلية بأشكالها كلها، ومناورات اليوم لا تعنيه شيئاً. هم يناورون، ونحن نعمل في حقولنا وزراعاتنا عشر ساعات يومياً، وليستمروا بمناوراتهم إلى ما شاء الله». ولم تلحظ منال الأحمد من بلدة عين عرب، التي تدير فريقاً من عشر فتيات يعملن في قطاف الخضر، ما يثير الخوف أو القلق.
خلف الشريط، وتحديداً في موقع الضهيرة، عملت حفارتان إسرائيليتان داخل الموقع المذكور ورفعت سواتر ترابية، فيما سجلت حركة عبور عادية للسيارات المدنية على الخط الرئيسي الرابط بين قرى الجولان ومنطقة الغجر المحتلة، وفي مستعمرات المطلة ومرغاليوت والمنارة وباقي المستعمرات الشمالية. وباستثناء صفارات الإنذار، أمس، التي أوقفت الحركة وكل النشاطات داخل مستعمرة المطلة، واصل عشرات المستوطنين لهوهم في السباحة والرياضة داخل أحد المنتجعات.
باختصار، لم تسترع مناورات الاحتلال، في يومها الرابع، انتباه أهل الحدود، واقتصرت مفاعيلها إعلامياً بعيداً عن الملموس الميداني.