يضع المرشحون المتنازعون البيئة في صلب برامجهم الانتخابية، من دون أن يقنع «اهتمامهم» هذا الجمعيات المعنية بجدية الطروحات. هذه الجمعيات التي تشكك بنوايا المرشحين لجهة التطبيق، تصف الخطوة بـ«الشكلية»، وقد طالبت إحداها، الخط الأخضر، في مؤتمر صحافي أمس، الناخبين بالاقتراع لمن يلحظ اعتماد لبنان على الطاقة المتجددة، أما رابطة «إندي أكت» فوزعت ملصقات تدعو إلى «الاقتراع» لـ... «350»
بسام القنطار
تزخر «البرامج الانتخابية» للمرشحين ببنود تتعلق بالبيئة. ففي غمرة شعارات الحرية والسيادة والاستقلال المترافقة مع العروض الضوئية في صالة «بيال»، وجد فريق 14 آذار مكاناً للبيئة في برنامجه الانتخابي، إذ ينصّ على «وضع حدّ لتدهور البيئة وإطار الحياة في لبنان». أما تيار المستقبل فلم يغفل عن تضمين برنامجه الانتخابي بنداً بيئياً، نصّ على «تأمين حق المواطن في بيئة صحية ليرجع لبنان أخضر أمانة للأجيال المقبلة».
وفي غمرة انشغال حزب الله في التأكيد على خيار المقاومة في برنامجه الانتخابي، أفرد الحزب جزءاً هاماً من برنامجه للبيئة، فدعا إلى «إدارة رشيدة للثروة المائية واعتماد وسائل جديدة لإنتاج الطاقة تكون ملائمة للبيئة، دون أن ينسى «دق ناقوس الخطر وإعلان حالة طوارئ وطنية». ولا تشذّ جمهورية العماد ميشال عون الثالثة عن القاعدة، فلقد أفرد التيار الوطني الحر البابين الثالث والثالث عشر للحديث عن «البيئة والموارد الطبيعية وتنظيم الأراضي والتوعية البيئية في المدارس والجامعات».
وعلى الرغم من أن البعض يعتبر أن إدخال الشأن البيئي في البرامج الانتخابية «إنجاز نوعي»، إلا أنَّ جمعيات بيئية لبنانية تنظر بالكثير من التشاؤم الى جدية تطبيق هذه البرامج.
جمعية الخط الأخضر عبّرت، أمس، عن هذا «التشاؤم» عبر مؤتمر صحافي، في نقابة الصحافة، أطلقت خلاله حملة الحقوق الأساسية للمواطن من الموارد الطبيعية والبيئية تحت شعار «حقك! اطلبه من مرشحك.. اطلبه من نوابك».
أمين سر الجمعية د. علي درويش أوضح «أن الحملة تأتي في إطار برنامج العمل المطلبي للخط الأخضر، وفي ظل استمرار التدهور في إدارة الموارد البيئية وفي حصول المواطن على حقوقه الأساسية من الموارد الطبيعية مثل الطاقة والمياه والمساحات الخضراء».
ومع وصول الحملات الانتخابية إلى ذروتها وانتقال المتنافسين الى استخدام كل الوسائل والشعارات وأساليب التحريض والتجييش لاجتذاب الناخبين. ترى «الخط الأخضر» أن «حقوق المواطنين المعيشية الأساسية مثل الماء والكهرباء والهواء غير الملوث والوصول الى المساحات الخضراء والشواطئ العامة، وتوافر الغذاء الصحي والسليم موضع تجاهل ممن يدّعون تمثيل المواطن والحرص على مصلحته».
أما وسائل النقل، العام منه والخاص، فقد كانت موضع اهتمام المهندس محمد صفي الدين. فقد دعا عضو الجمعية «بلدية بيروت الى اعتماد خطة للنقل المستدام، وإلى عدم المسّ بأي حديقة من حدائق بيروت، بل العمل على تحسين وضع هذه الحدائق، وفتح حرج بيروت للعموم، والعمل على تحويل ميدان سباق الخيل والأراضي الملاصقة له الى مساحات خضراء لاستعمال العموم، عوضاً عن إبقائه حكراً على جمعية خاصة».
وستبدأ «الخط الأخضر» حملة إعلانية تلفزيونية، تصوّر مواطناً لبنانياً يجلس أمام شاشة التلفاز ويستمع الى الخطابات والبرامج الانتخابية، لتظهر بعدها على الشاشة رسالة تقول «الطاقة المتجددة حقك، اطلبها من مرشحك».
ومن المعلوم أن لبنان لا يستفيد من أكثر من 300 يوم مشمس في السنة، وباستثناء المحطات التي تقوم بتركيبها قوات اليونيفيل» لإنارة الطرقات في البلدات الجنوبية، تخلو المشاريع الحكومية المتعلقة بالطاقة من أي اعتماد للطاقة الشمسية المتجددة. كما تخلو موازنات الأبحاث العلمية في لبنان، على ضآلتها، من أي بحث في مجال الطاقة المتجددة، وخصوصاً إصدار أطلس للرياح
والشمس.
وبالانتقال من القاعات المغلقة الى الشارع، قامت جمعية «إندي آكت» بنشر آلاف الملصقات التي تدعو الناخبين الى الاقتراع للرقم 350. وتهدف حملة 350 إلى تسليط الضوء على تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الجو الذي يجب أن يصل الى 350 جزءاً في المليون، لتفادي كارثة التغيّر المناخي، ويبلغ التركيز الحالي 388 جزءاً في المليون. ويعتبر هذا المطلب بنداً أساسياً في المفاوضات حول تبنّي معاهدة دولية جديدة للمناخ.
علي فخري، منسق حملة انتخب 350، أوضح لـ«الأخبار» أن الحملة تهدف الى إقناع ناخبين قرروا الامتناع عن الاقتراع الى تعديل رأيهم عبر الذهاب إلى مراكز الاقتراع والتصويت لمصلحة الرقم 350.
وأضاف: «أصاب بالاشمئزاز عندما أرى أنه ليس هناك أي برلماني لديه أدنى فكرة عن محادثات الأمم المتحدة لتغير المناخ التي ستعقد في كانون الأول المقبل وتقرر حرفياً مصير 4 ملايين لبناني اقتصادياً وبيئياً وسياسياً».
وتؤكد ميادة عبد الله القيادية في حزب البيئة اللبناني أن «البرامج والحملات لن تجدي نفعاً في ظلّ عدم وجود مرشحين للبيئة في هذه الانتخابات». وأضافت «ناقش الحزب قرار خوض الانتخابات، فوجدنا أن الأمر مستحيل على أساس القانون الانتخابي الحالي، وفي ظل أجواء شحن مذهبي وطائفي مقززة».
وأضافت عبد الله «يبدو أن الغالبية مقتنعة بالأولويات غير البيئية التي يطرحها كل فريق، ويفترض أن تتوزع الأصوات وفق الاقتناع بتلك الأولويات. ولا معنى لأن يكون للبيئة مرشحوها إذا لم يكن لها برامج وأفكار تقنع الناخبين بأنها هي نفسها أولوية، وأن سياساتها المقترحة يمكن أن تساهم في إيجاد الحلول لغير قضايا البيئة أيضاً».