رامي زريقهناك أسباب اقتصادية اجتماعية عديدة تدفع للتصدي لدخول لبنان في منظمة التجارة العالمية (WTO). وقد عُرضت هذه الأسباب بوضوح خلال الندوة التي دعت إليها شبكة المنظمات الغربية غير الحكومية للتنمية في شهر أيار الفائت، والتي أظهرت بوضوح الثغرة القائمة بين الجهود التي تبذلها وزارة الاقتصاد والتجارة لاستكمال عملية الانضمام من جهة، والغياب شبه التام للتحضير والترتيبات التي يجب أن تأخذها الدولة في مواكبة هذه الخطوة البالغة الأهمية. فها نحن ندخل اليوم في عملية مظلمة وظالمة ينتج عنها حسب الخبراء زيادة الفقر (والاستغلال)، وتدني مستوى الأمن الغذائي وغياب السيادة الغذائية، وتدهور شروط العمل اللائق أكثر مما هي عليه اليوم. كما أن الدخول الى المنظمة يستتبع ارتفاع نسب البطالة والهجرة من أحزمة البؤس الريفية إلى أحزمة البؤس المدنية. كل هذا لا يهم التجار الذين يديرون البلد وتزيد أرباحهم مع الاستيراد كما مع التصدير، والذين تنتفخ ثرواتهم وبطونهم مع كل شحنة قمح أو سكر أو زيت تُفرغ على المرفأ، والذين قد يفتح لهم تدني الأجور الذي يواكب عادة ارتفاع نسب البطالة، فرصة المنافسة المبنية على خفض كلفة الإنتاج، وخاصة الشق العمالي منها. وذلك في الوقت الذي تكون فيه «تنافسية» البلاد المصدرة للغذاء مبنية على الدعم غير المحدود الذي تقدمه الدول المنتجة والمصدرة للغذاء مثل الولايات المتحدة، التي لن تتراجع عن دعمها لمزارعيها بالرغم من تناقض ذلك مع مبادئ الـWTO. أما بالنسبة للأسباب السياسية، فجدير بالذكر أن موظفاً سابقاً رفيع المستوى في وزارة الاقتصاد والتجارة سبق أن أشار الى أن مقاطعة لبنان لإسرائيل باتت تمثّل عائقاً أساسياً أمام دخول لبنان إلى المنظمة التي تهدف الى فتح الأسواق، كل الأسواق، بعضها على بعض. فهل يعني اقترابنا من النجاح في العبور الى النادي النخبوي أننا نتجه الى المزيد من الانفتاح على العدوّ؟