في الضاحية الجنوبية صدمة لأربع سنوات مقبلة
محمد محسن
لم يكن قبول نتائج الانتخابات النيابية سهلاً على أهالي الضاحية الجنوبية لبيروت. خبر هزيمة المعارضة، قبل أن تؤكده النتائج الرسمية، كان مزحةً ثقيلة، أعرض البعض بوجهه عنها، ظنّاً أن الخبر مفبرك، أو أن الفرز ما زال في بداياته.
صدمة. هكذا يسهل وصف حالة جمهور المعارضة في أحد أهم خزاناتها البشرية، بعد تأكيد خبر فوز قوى 14 آذار في الانتخابات. ليل أول من أمس، مع بداية انتشار الخبر، سيطرت حالة من الارتباك على وجوه الشبّان في الشوارع، واستعان البعض لتقطيع وقته، تارةً بتكذيب وسائل الإعلام، وتارةً بالدعوة إلى انتظار النتيجة النهائية على لسان وزير الداخلية زياد بارود. في المنازل والمقاهي، لم تبشّر الرسائل القصيرة مشتركي خدمة الخبر العاجل بالخبر. يركض الجميع نحو من يرنّ هاتفه «طمّنا شو الوضع؟»، يسألونه. ومن لم يطاوعه قبوله الخسارة، قطّب حاجبيه ليكون هذا التعبير كفيلاً بتوضيح النتيجة غير المتوقعة.
الخبر الجديد وقع كالصاعقة. لكن البعض أبقى تفاؤله، داعياً إلى انتظار «المفاجآت». عبر الوقت سريعاً، وبدأت كفّة الفوز تميل إلى مصلحة فريق الموالاة، فارتفع معها مستو المفاجأة في الضاحية. «مش معقول أكيد في غلط» كلمة تردّدت عفواً على ألسنة كثيرين. تمرّ ساعة إضافية، لا معلومات فيها عن تقدّم للمعارضة، فتتحول المفاجأة إلى واقع ملموس، يستعير الصدمة ذاتها التي شعر بها جمهور الموالاة، حين أطلق سراح الضباط الأربعة.
لم تقتصر ردود فعل سكان الضاحية على نزع الأعلام عن السيارات، أو تشتّت المواكب والدراجات الناريّة، بل تعدّت ذلك إلى نقاشاتٍ طالت حتى الصباح، قبل أن يغفو الجميع على «كابوس» فوز الموالاة. يطفئ علي الحسيني تلفاز محلّه في المريجة، ويدعو الشبّان المتجمهرين إلى المغادرة «خلصت يا شباب، خسرنا». يغادر الجميع بهدوء وابتسامات باهتة، وينتشرون في زوايا الشوارع. تستمع إلى تحليلات كثيرة «طيّب زغرتا وجبيل وكسروان وبعبدا معنا، كيف ربحوا؟»، يسأل محمد كسّاب قبل أن يأتيه الجواب سريعاً: «عم يقولوا البوكس بزحلة، سكاف سقط هو وجماعتو».
ينتقل الحوار إلى تحميل المسؤوليات وتحليل النتائج. اتفق الكثيرون من الشبّان، على أربعة أعوامٍ جديدة من «النكد» تنتظر لبنان، فيما قال البعض إنّ الأمور ستتجه إلى 7 أيار جديد. تشاءم البعض وتوقّع حرباً إسرائيلية قريبة. بلغ النقد الذاتي مرحلةً متقدّمة عن الأحاديث السياسية لأهالي الضاحية.
يحمّل علي مسؤولية الخسارة للمعارضة «ما بيعرفوا يشتغلوا، كتير كانوا مغرورين». لا تروق أيمن نظرية علي، رافضاً اعتبار «الزعبرة» والرشى الانتخابية عملاً صحيحاً. يرد أيمن سبب خسارة المعارضة إلى كسلها في استقطاب المغتربين.
على الرغم من خسارة الضاحية لفرحة الفوز، بقي نفَسها السياسي الموالي للمعارضة. أعطى المتناقشون صفة الحليف الوفي للنائب ميشال عون «بيّضلنا وجّنا بالمناطق المسيحية»، وزعيم تيار المردة سليمان فرنجيّة: «أخذ محلو الطبيعي».

عين الحلوة أنهت استنفارها

قاسم س. قاسم
مع انبلاج فجر الانتخابات أمس، خفّ الاستنفار الأمني الذي كان يقوم به عناصر الكفاح المسلح في مخيم عين الحلوة، بعدما كان هؤلاء قد استنفروا عصر السبت الفائت، منتشرين بكثافة في كل الشوارع ومسيرين دورياتهم في أزقة المخيم. وقد شهد نهار الأحد تشدداً على حواجز الكفاح المسلح على باب المخيم الرئيسي. هكذا، وقف عنصر من الكفاح ليمنع خروج أي فلسطيني «إن لم يكن مضطراً»، وذلك «لتفادي المشاكل التي قد تحصل»، كما يقول. أما داخل المخيم، فقد غابت سيارات الأجرة، وأقفلت المحالّ أبوابها، لأن الناس كانوا متخوفين، كما أعرب بعضهم لـ«الأخبار». هذا التخوف تبدد أمس بعد إعلان نتائج الانتخابات. ويقول قائد الكفاح المسلح في لبنان، العميد منير المقدح إنه «نتيجة للوضع الممتاز، والتنسيق مع الجيش، قررنا تخفيف حدة الاستنفار داخل المخيم». وينفي المقدح «حصول أي نوع من الإشكالات هنا»، مشيراً إلى «أن الوضع كان هادئاً خلال فترة الانتخابات». وأمس، عادت الحياة إلى طبيعتها في عين الحلوة، وعاد اللاجئون الفلسطينيون إلى حياتهم ومشاكلهم الاجتماعية الطبيعية.