غادة دندش
بيّنت أبحاث جديدة أجراها فريق من العلماء في جامعة سينسيناتي في الولايات المتحدة، أن هرمون الجوع غريلين ينشط بتأثير الدهون الغذائية، لا الدهون المخزّنة في الجسم. وبكلام آخر يتحرّك إحساسنا بالجوع أكثر عندما نملأ مَعِدنا بالطعام الدهني، لا عندما نبقيها فارغة. كما بيّنت الأبحاث أن المسؤول المباشر عن «تفعيل» الغريلين هو أنزيم GOAT الموجود في المعدة. ويقول الباحثون إنّ من الممكن استهداف هذا الأنزيم في العلاجات المستقبلية لأمراض الأيض Metabolism.
قبل هذه الدراسة ولفترة طويلة، ساد الاعتقاد لدى الاختصاصيّين بأن الغريلين هرمون يتكدّس في الجسم خلال فترات الصيام عن الطعام، وأن نسبة وجوده في الدم تكون عالية قبل البدء بتناول الطعام مباشرة. وقد سمّي هرمون الجوع لأن بعض التجارب السابقة أظهرت أن حقن بعض الجرعات الإضافية منه داخل الجسم يؤدي إلى تنشيط الأوامر الصادرة عن الدماغ بالإحساس بالجوع، فتزداد كمّية الطعام التي يستهلكها المتلقّي. هذه التجارب أجريت في السابق على الحيوانات المخبرية، وعلى بعض المتطوّعين من البشر، وأظهرت النتائح نفسها.
ميزة هرمون الغريلين أنه يحتاج إلى استقطاب حمض دهني كي ينشط، وذلك بواسطة أنزيم GOAT.
وكان العلماء يعتقدون بأن الجسم يصنّع هذه الأحماض الدهنية خلال فترة الامتناع عن الطعام.
لكن النتائج التي توصّل إليها الدكتور تشوب وفريقه تشير إلى أن الأحماض الدهنية التي يحتاج إليها الغريلين لينشط تأتي من الدهون التي يمتصّها الجسم من الغذاء مباشرةً، لا من تلك المخزّنة في الجسم. ويبدو أن منظومة تنشيط الغريلين هي عبارة عن أجهزة استشعار دهنية موجودة في المعدة. هذه المنظومة ترسل إشارات إلى الدماغ عند توافر وحدات حرارية جديدة، مما يطلق عملية أخرى في الدماغ هي الإحساس بالحاجة إلى استهلاك المزيد من الطعام.
استخدم تشوب وفريقه الفئران المخبرية لدراسة تأثير أنزيم GOAT، وأجروا الدراسة على مجموعتين من الفئران، فزادوا نسبة الأنزيم لدى المجموعة الأولى، وخفضوا نسبته لدى المجموعة الثانية. ثم أخضعوا المجموعتين لنظام غذائي يحتوي على كميات كبيرة من الدهون. لاحظ الفريق أن المجموعة الأولى كدّست كمية أقل من الدهون في جسدها، أما المجموعة الثانية، فزادت سمنة الفئران فيها أكثر من الفئران الطبيعية.
لا يمكن إجراء مثل هذه التجارب على البشر في الوقت الحاضر. لكن بعض التجارب أجريت في جامعة فرجينيا على مجموعة من المتطوعين البشر، درس خلالها العلماء نسبة الغريلين الناشط لدى المتطوّعين خلال الصيام، أو عند تناول الطعام. هذه التجارب بيّنت أنه خلال الصيام تبقى نسبة الغريلين ثابتة في الجسم، لكن مع تناول الطعام ترتفع، هذا ما يثبت أن نتائج الفريق الأول قد تكون نفسها عند البشر بحسب الدكتور تشوب. من جهة ثانية، أكّد الدكتور تشوب أن فريقه معنيّ بدراسة الدور الذي يؤديه الغريلين في النتائج المترتبة عن جراحة تضييق المعدة، هذه الجراحة التي يعتمدها الأطباء حلاً جذريّاً لضبط وزن من يعانون السمنة المرضية. وذلك بهدف التأكد إذا ما كان سبب فقدان كمية كبيرة من الوزن بعد الجراحة يعود إلى أن الطعام في هذه الحالة يلتفّ على بعض مناطق المعدة ولا يحتكّ كما في الحالات العادية بالمناطق التي تحتوي على خلايا أنزيم GOAT.
هذا الاهتمام قد يسمح في المستقبل بتفادي إجراء مثل هذه الجراحات الكبيرة، والاستعاضة عنها بضبط الأنزيم بطرق مختلفة. طبعاً لا تزال هذه التجارب في بداياتها، لكنّها تسمح للعلماء بمقاربة جديدة في علاج جميع حالات الشراهة على اختلافها. كذلك تفتح أفقاً جديداً في فهم عملية الأيض، والخلل الذي يطرأ عليها وأسبابه.