الهرمل ــ رامي بليبليرتشف أبو أحمد مطر رشفة عميقة من نارجيلته المثبتة على كتف العاصي، ويزفر دخانها المشبع بتنهيدة طويلة مملوءة بالحسرة والامتعاض مما حصل خلال اليوم الانتخابي الطويل.
«النتائج التي ظهرت ونسب الاقتراع، ما بتريّّح» يقول أبو أحمد ويضيف: «صار لازم يفكروا جدياً بكل تعاطيهم مع أهل المنطقة، إيه لو ما يحكي السيد حسن ويطلب الاستفتاء، كان الوضع أتعس بكتير».
في جولة على مختلف قرى وبلدات الهرمل والبقاع الشمالي، يبدو أن كلام أبي أحمد، هو لسان حال الجميع. فصناديق الاقتراع التي سجلت نسبة إقبال هي 49% أظهرت أن هناك نسبة 3% ممن اقترعوا في انتخابات 2005 قد أحجموا عن الاقتراع هذه المرة، برغم الشحن الطائفي والمذهبي المنقطع النظير الذي شهدته خطابات بعض السياسيين ما قبل الانتخابات. وهذا ما يدعو المعنيين في المنطقة إلى عدم الارتياح لفوز اللائحة السهل المنال، والانصراف إلى تقييم النتائج وتحليلها، عبر النزول إلى الشارع والتركيز على خدمة المنطقة اجتماعياً وإنمائياً وصحياً. وإلا فإن المرحلة المقبلة ستكون أصعب بكثير ونسبة 3% ستكبر، إضافة إلى أن عدد الأصوات التي نالوها يعكس الاستياء الشديد من أداء السنوات الماضية. أما «كثافة الانتخاب فهي للمقاومة فقط» يقول حسنين المنيني «إذا استمر التعامل مع المنطقة بهذه الروحية فإن مصيرنا سيكون وخيماً، وربما يتغير المزاج العام كما حصل في زحلة مع الوزير الياس سكاف».
وفي نظرة تفاؤلية يشير عبد الله صقر إلى أن الهرمل ربحت «نائباً زيادة»، في إشارة إلى مرشح الموالاة الفائز عقاب صقر. ويضيف: «صحيح أنه نجح في زحلة، بس الدم ما بيصير مي، وأكيد رح يتطلع على المنطقة ويخدم أهلها، معقول الواحد ينسى مسقط رأسه؟» يتساءل الرجل ويختم «يمكن لأنو مع الأكثرية اللي فازت ما رح يرفضولو طلب».
في الهرمل، مرت الانتخابات وعاد الجميع لمزاولة أعمالهم. ففتحت المدارس والمحال التجارية أبوابها، واستقبل الموظفون المواطنين في مكاتبهم ونشطت الحركة في الأسواق التي لم يسمع فيها حوار بعيد عن الانتخابات ونتائجها وخلفياتها وأسبابها، وأسدل الستار إيذاناً باختتام ما وصفه البعض بأنه «مسرحية»، وبدأت مرحلة جديدة يتمنى فيها البقاعيون أن تكون أفضل من المرحلة السابقة بكثير. فقد فرغت خوابيهم وأضمرت جيوبهم وجفت سواقيهم بانتظار أن يفي الفائزون بوعودهم التي قطعوها خلال جولاتهم الانتخابية. فهم، كما قال بعضهم، لن يقبلوا أن يقال لهم مرة أخرى «الأكثرية مش معنا، والحكومة عم تعرقل الشغل» وغيرها من العبارات التي حفظوها عن ظهر قلب. انتخابات «1013 على الأبواب»، يقولها أبو أحمد ويحمل نارجيلته وينصرف.