اسامة القادريقبل أسبوع من الاستحقاق الانتخابي، ودّع وزير الأشغال العامّة والنقل غازي العريضي أهالي منطقة المرج في البقاع الغربي بإزاحة الستار عن حجر أساس إعادة تأهيل طريق الخط الشرقي الممتد من المرج حتى بلدة غزة. ولم يكتفِ الوزير بإزاحة الستار بل وعد الأهالي، أمام حشد من أعضاء لائحة المنطقة المدعومة من 14 آذار، ببدء عملية التأهيل قبل يومين من الانتخابات.
اليوم، هو اليوم الرابع ما بعد الاستحقاق. فازت لائحة المنطقة الموالية، غير أنّ عمليّة التأهيل لم تبصر النور، رغم إصرار الوزير في الاحتفال الوداعي على البدء قبل الانتخابات.
انتهى الوعد. لم يتغيّر شيء. فالطريق التي تربط قرى البقاع الغربي (المرج وحوش الحريمة وغزة وجب جنين) لا تزال أشبه بالدروب الجبليّة المنسيّة. تغزوها الحفر، بمعدّل... حفرة بين الحفرة والأخرى. وما يزيد الطين بلّة أنّ هذه الحفر لا تخلو من المياه، لا شتاءً ولا حتى صيفاً. وما زاد هذه الحفر أن ورش البنى التحتية التي كانت تقوم بها المؤسسات كانت تنبش الطريق من أجل مدّ شبكات الصرف الصحّي أو ما شابه ذلك، من دون أن تعيد إصلاحها، بحجّة أن هذه الأعمال هي من مسؤولية وزارة الأشغال.
3 كلم، هي مسافة هذه الطريق التي باتت مصدر رعبٍ دائم للأهالي، بسبب حوادث السير عليها التي حصدت عشرات القتلى والجرحى منذ ثلاث سنوات إلى الآن، فضلاً عن الأضرار التي تلحقها الحفر بالسيارات والآليات العابرة عليها يومياً. وأمام هذا الواقع الذي لا تبدو نهايته قريبة، يضطرّ الأهالي في بعض القرى، وخصوصاً أهالي قرى شرق بحيرة القرعون لعبور طرقات أطول. وقد تفوق مسافة تلك الطرقات في بعض الأحيان 30 كلم مثلاً، وكل هذا للتخلّص من الحوادث والحفاظ على سياراتهم. أما من أُجبر على عبور هذه الطريق، لعدم وجود «وصلة» أخرى، فقد عمد إلى شراء دراجة ناريّة أو حتى هوائيّة، لأنها تسهل عليهم العبور بين الحفر من دون التعرض للأذى.
مازن قبلان، ابن بلدة غزة، اشترى دراجة هوائيّة بعدما يئس من إمكان إصلاح الطريق. قبلان ليس الوحيد الذي اشترى دراجة هوائيّة، فأبو أحمد المجذوب، الذي يبلغ من العمر سبعين عاماً، اشترى منذ شهرٍ تقريباً دراجة هوائيّة لتسهيل التنقل بين الحفر. ويقول أبو أحمد بسخرية: «اللي جبرنا على البيسكلات هذه الطريق الحلوة». ثمّ يعلّق بلهجة حادّة «عيب، ستّة مرشّحين بننتخبهم كل مرّة. ماذا يفعلون لنا؟ عيب عليهم يحكوا بالانتخابات يستحوا على حالهم، الطريق من أربع سنين متل الحاكورة، ليش ما فيهم يرقعوها شوي، ولا بس بيعرفوا ينظروا قبل الانتخابات بس».
«صارت شغلتنا بس نعد قتلى وجرحى». بهذه العبارة يختصر عبدو العبدو حال الطريق المزرية. العبدو، صاحب مغسل السيارات على أحد جانبي الطريق في منطقة المرج، يبحث اليوم عن مكانٍ آخر لنقل أعماله بعدما «انتهت المصلحة، ما عاد حدا يسترجي يغسل سيارتو عندي، دغري عم تنتلي غبره».
حال يوسف عوّاد لا تختلف في شيء عن حال العبدو، فهو أيضاً «صاحب مصلحة انضربت». ويقول عوّاد، مالك أحد الأفران، إنّ «الحالة ما عادت مقبولة، شغلي خف بسبب امتناع بعض الزبائن عن قطع هذه الطريق». أما علي حمود، سائق سيارة الأجرة من بلدة سحمر إلى مركز عمر المختار التربوي، فلا حلّ أمامه سوى عبور هذه الطريق، لأنه لا طريق أخرى للاستعانة بها. ويقول حمود متأففاً «مش ملحقين تصليح أمتسورات ودواليب، والمصيبة أن الوضع من زمان هيك ولما منسأل بقولوا إن شاء الله قريباً بيتصلح». فمتى يأتي هذه الـ«قريباً»؟


من المسؤول؟

مرّت ثلاث سنوات. فيما مسؤولية إصلاح الطريق ضائعة بين وزارة الأشغال والبلدية. وفي هذا الإطار، يؤكّد رئيس بلدية غزة عبد الرزاق المجذوب أن "هذه الطريق هي طريق رئيسيّة، والطريق الرئيسية ليست من اختصاص اليلدية وإنما وزارة الاشغال العامة والنقل". وانتقد المجذوب لامبالاة الدولة، مشيراً إلى أنّ "هذه الطريق لم تشهد تصليحات منذ التسعينات، وهذا ما يؤكد الحرمان الذي تعانيه المنطقة". ويعيد المجذوب التذكير بأنّ "ما زاد تخريب الطريق تمديدات شبكتي الصرف الصحي ومياه الشفة"، متمنّياً على وزير الاشغال غازي العريضي "إنهاء المأساة والإيفاء بوعده الذي أطلقه أثناء زيارته الأخيرة، بأن الوزارة ستقوم بتلزيم الطريق بين بلدتي جب جنين وغزة.