لم تتوقف المشادات الكلامية والعراكات بمختلف أشكالها في الشمال، على الرغم من انتهاء الانتخابات وانقضاء الفترة المعقولة للاحتفال. فقد شهد قضاء الضنية عموماً، وبلدة بخعون خصوصاً، أول من أمس، استنفاراً أمنياً لافتاً
الضنيّة ــ عبد الكافي الصمد
عاد الهدوء إلى بلدة بخعون ـــــ الضنية، أمس. انتشر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي فيها، بعد سلسلة إشكالات تخللها إطلاق نار، نتيجة «استفزازات» تلت إعلان نتائج الانتخابات النيابية، ما أدى إلى سقوط جريحين نقلا إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة.
كانت حادثة أمس الأخطر، فقد كادت أن تؤدي إلى انفلات الأمور لولا تدخل القوى الأمنية أخيراً، ولا سيما أن المنطقة شهدت أكثر من إشكال، منذ مساء الأحد الماضي (يوم الانتخابات)، في البلدة والمناطق القريبة. أول هذه الحوادث كان إصابة المواطن ن. ط. بطلق ناري طائش من مسدس كان في حوزته، أثناء وجوده في احتفال أقيم لمناسبة فوز النائب قاسم عبد العزيز. مواطن آخر (ج. غ.) أصيب في بخعون، بعدما رمى عليه أشخاص مجهولون حجارة من شرفة منزل، فيما كان هو داخل سيارته، فأصيب بجروح بالغة.
إلى ذلك، تزايدت حوادث التلاسن والتضارب بين مناصري المرشحين والقوى السياسية في الشمال تزايداً غير مسبوق. فعند منتصف ليل أول من أمس، كان الشاب ن. ش. عائداً إلى منزله في البلدة في «أمان الله»، فاعترضه شبان موالون لتيار المستقبل. حصل تلاسن بينه وبينهم، قبل أن يتطور الأمر إلى إطلاقهم النار من بنادق حربية كانت في حوزتهم. أصيبت السيارة التي كان يستقلها بطلقات عدة، بينما أصيب هو برصاصة في بطنه، ما دفع أحد معارفه الذي كان قريباً من المكان إلى التدخل، حيث نقله إلى مركز الشمال الاستشفائي للمعالجة. ودفعت هذه الحادثة أقرباء ن. ش. وأصدقاؤه (وهم من مناصري النائب السابق جهاد الصمد) إلى إطلاق النار باتجاه مركز احتفال أقامه النائب عبد العزيز للاحتفال بفوزه في الانتخابات النيابية، ردة فعلٍ على الحادثة الأولى، ما دفع ببعض المحتفلين إلى الرد على مصادر النيران. وترافق الإشكال الميليشيوي مع ظهور مسلح من قبل الطرفين داخل أحياء البلدة، وجرى إطلاق متبادل للنار استمر متقطعاً أكثر من ساعة، تعرّضت خلاله منازل وسيارات عدة لأضرار، وسادت أجواء هلع غير مسبوق في صفوف الأهالي. أمام هذا الوضع، لم تجد المدارس الرسمية والخاصة والمحال التجارية ملاذاً من تداعيات الانتخابات سوى إغلاق أبوابها. تراجعت حركة السير إلى حدٍّ كبير أيضاً، وخصوصاً بعدما منع الجيش السير على بعض الطرقات تحسباً لأي أعمال انتقامية محتملة.
وبسبب تطوّر الأمور على هذا النحو المفاجئ، تدخل الجيش خشية تطور الأحداث نحو الأسوأ، وذلك قرابة الساعة الثانية من فجر أمس، عندما حضرت قوة مؤللة من الجيش اللبناني إلى البلدة، وعملت على ضبط الوضع الأمني، بعدما أقامت حواجز تفتيش ونفّذت عمليات دهم واسعة بحثاً عن المشاركين في المعارك الصغيرة. ونقل شهود عيان من البلدة أن الجيش أوقف عدداً من الأشخاص المشتبه فيهم، وصادر بعض الأسلحة الفردية، كما سيّر دوريات راجلة ومؤللة لضبط الأمن، في موازاة إجراء المسؤولين في البلدة لقاءات واتصالات مكثّفة من أجل عودة الهدوء.
عملياً، انتظرت بخعون الساعة الرابعة من فجر أمس ليعود الهدوء إليها، بينما أبقت القوى الأمنية على حضورها عبر حواجز ودوريات متنقلة، منعاً لحصول أي ردود فعل لا تحمد عقباها.