محمد زبيبنقد تجربة قوى المعارضة وخطابها الانتخابي، هو نقد أكثر من ضروري ومطلوب. وعلى هذه القوى أن تقبله لأنه جزء من أدوات التحضير لمعاركها المقبلة بدلاً من الذهاب بعيداً في ادعاء تمثيل الأكثرية الشعبية لتغطية فشلها في الحصول على الأكثرية النيابية.
إلا أن هذا النقد يجب ألا يبلغ حدّ الجلد. فإذا كان لا بدّ من إقرار حزب اللّه بارتكابه أخطاءً كثيرة بين السابع من أيار 2008 والسابع من حزيران 2009، وهذا ينطبق على التيار الوطني الحر الذي لم ينجح في التحوّل إلى إطار يتّسع لحالته الجماهيرية التي احتضنته منذ إعلان قائده ميشال عون حرب التحرير وحتى فوزه الساحق في انتخابات عام 2005، فإنّ على النقّاد أن يمعنوا أكثر في بعض ما يسطّرونه في سياق ادّعاء الحرص على الموضوعية والنقد البنّاء. إذ كيف يمكن النقد الموضوعي والبنّاء أن يتخيّل وضعاً انتخابياً أفضل للمعارضة لا يكون حزب الله فيه مدافعاً شرساً عن سلاحه ولا يكون ميشال عون فيه متفاهماً مع حزب الله على هذا السلاح؟! و كيف يمكن أن يتخيّل أن الفوز كان سيتحقق لو أنّ حزب الله غادر موقعه الحالي وأن ميشال عون لم يغادر موقعه السابق! هذه التخيّلات تتجاهل أنه في هذه الحالة لا يكون حزب الله وميشال عون متحالفين أصلاً، ولا الأكثرية كانت هذه الأكثرية، ولا الأقلية كانت هذه الأقلية.
إن الانتخابات في كل مراحلها وأدواتها وحملاتها واستهدافاتها كانت ضد ميشال عون وحده، أو بمعنى آخر ضد الحليف المسيحي لحزب الله الشيعي المسلّح. فالعالم المتدخّل في هذه الانتخابات سلّم سلفاً بوضعية حزب الله التمثيلية، وأدرك أن الحرب الناجعة عليه تبدأ من عزله داخل طائفته. وباستثناء «الزكزكة» عبر أحمد الأسعد، لم يحاول أي طرف أن يخوض معركة انتخابية، ولو شكلية، في الدوائر الشيعية الصافية... لذلك يمكن اعتبار ما حقّقه ميشال عون باهراً، ولا سيما أنه واجه وحيداً في بعض الدوائر من دون أيّ سند من أقلام «المجنّسين» السوريّين الذين كانوا الغائب الأبرز عن الشاشات في هذه الانتخابات.