كوكبا ـــ عساف أبورحالبدأ أهالي بلدة كوكبا الجنوبيّة تحضيراتهم السنويّة المعتادة لمواجهة غزو حشرة «الجيز» التي اعتادوا زيارتها، غير المحبّبة طبعاً، في مثل هذه الأيام من كل عام. فمنذ نحو ستّة عقود، يعاني أهالي البلدة من انتشار حشرة صغيرة سوداء اللون، اصطلحوا على تسميتها «الجيز». ومنذ ذلك الوقت، لم تفلح محاولاتهم الحثيثة في مكافحتها بسبب قدرتها الكبيرة على التكاثر والانتشار التي قد يتخطى عددها الملايين في فترة الصيف القليلة، وكلّ هذا في ظلّ عجز الأهالي عن شراء أدوات متطوّرة لمكافحتها أو حتّى شراء المبيدات ومعدّات الرش. وكل ما يستطيع الأهالي توفيره من مواد المكافحة «خلط كمية من نخالة القمح مع السموم والمياه ومن ثمّ رشّها على جنبات المنزل». غير أن هذا الأمر غير كاف، إذ يستلزم العمل على مكافحتها خطة عمل شاملة وتقنيات مدروسة لن يستطيع الأهالي توفيرها.
أمام عجز الأهالي وإمكانياتهم المحدودة، تكفّلت البلديّة بمعالجة بعض جوانب المشكلة. وفي هذا الإطار، يشير رئيس البلدية أنطوان خوري إلى «أننا نبذل كل ما في وسعنا من أجل مكافحة هذه الحشرات، إلا أننا لم نستطع مكافحتها كلياً بسبب إمكانات البلدية الضئيلة»، لافتاً إلى «أن العمل على محافحتها يحتاج لخمسة ملايين ليرة سنوياً». وفي غياب هذه الملايين، تقوم البلديّة بجهدٍ فردي «بحيث تعمل على إجراء عمليات مكافحة يومية قبل طلوع الفجر». وبموازاة هذا النشاط، أرسلت البلديّة «عيّنات من تلك الحشرات إلى وزارات عدة، منها الزراعة والصحّة، لإجراء الفحوصات لها وتحديد الأدوية اللازمة لمكافحتها».
حتى الآن، لم يصل خبر الفحوصات بعد، و«الجيز» اجتاحت غالبيّة منازل البلدة، وخصوصاً الحي الشمالي منها. وفي هذا الإطار، يوضح أحد سكان الحي هاشم القلعاني أنّ «الحشرات باتت تزاحمنا على منزلنا، وهي عادة ما تتسلّل ليلاً إلينا». يخاف القلعاني من عدم إيجاد حلّ لهذه الحشرة، وخصوصاً «أن وجودها داخل المنزل أمر خطير، فقد تسبّب نقل الميكروبات والأمراض». بات القلعاني «خبيراً» بمواصفات هذه الحشرة، إذ يشير إلى «أنها أولاً غير لاذعة، وبمجرد لمسها تتحول كروية الشكل لتحمي نفسها من أي اعتداء». أما كيف أتت إلى المنطقة؟ فيتذكّر بعض كبار السن من أبناء البلدة أن «تاريخ ظهورها يعود إلى عام 1941، إبان الحرب العالمية الثانية، ويعتقد أن مصدرها أفريقي، وقد وصلت إلى بلادنا مع صناديق الذخيرة المرسلة إلى الجيوش الفرنسية آنذاك، حيث كانت تقيم مراكز للمشاة والمدفعية في محلة عريض العجرمي في محيط البلدة». يُذكر أن هذه الحشرة تظهر في مثل هذا الوقت من كل عام وتختفي مع نهاية شهر أيلول.