غاب الزواج المدني عن البرامج الانتخابية. هل تبحث فيه الحكومة خلال الشهور الآتية؟ لا نعرف. ولكن، إلى حينها، لا يسع الشباب سوى الاستفادة من العروض المغرية لإتمام زواجهم في قبرص
عمر سعيد
في الوطن المنكوب بسطوة الطوائف، يبحث الشباب عن إقرار رسمي بحرية الوقوع في حب عابر لها في لبنان، فلا يجدون. لا يترك لهم ذلك خياراً: هذا الواقع وراءهم، والبحر أمامهم. يركبونه لتكليل سنوات الحب اليائس هنا في زواج آمل في قبرص. إلا أن هذه الصيغة من الزواج تستتبع روتيناً إدارياً مملاً خاضه راجي، صاحب إحدى وكالات السفريات عندما سافر إلى قبرص ليكون شاهداً على زواج رفيقه مدنياً. تجربة مضنية قرر صاحب وكالة السفريات بعد خوضها أن يعمل جاهداً لتسهيل الأمور على الشباب الراغبين في السفر إلى قبرص لإتمام مراسم زواجهم مدنياً.
فرحلة الزواج المدني في قبرص «تنطوي على الكثير من المتاعب، تبدأ باستخراج الأوراق الرسمية، واستخراج تأشيرة سفر، وترجمة الوثائق إلى الإنكليزية والوصول إلى شهود على الزواج، هذا عدا تكاليف السفر والانتقال الباهظة»، كما يفيد راجي، ما دفعه إلى استحداث برنامج خاص في شركته لرحلات الزواج المدني.
بفضل ذلك البرنامج، تمكّنت شركته، حتى اليوم، من تنظيم حوالى 800 رحلة زواج مدني، ما يعتبره راجي «نجاحاً كبيراً في خدمة هذه الفئة العريضة التي تنمو يوماً بعد يوم». ففي لبنان، ترصد سنوياً ألف حالة زواج مدني في مقابل ستة آلاف حالة زواج ديني، «ما يؤكد أن هؤلاء يحتاجون إلى من يقدم لهم خدمات توفر عليهم الكثير من الوقت والكلفة المادية»، كما يقول راجي. ويضيف: «تطلب الشركة إخراج القيد العائلي والفردي فقط، وتتسلّم من الراغبين في الزواج 1900 دولار أميركي فقط، تكاليف الرحلة، لتقوم بنفسها بالإجراءات اللازمة كلها، وتأمين الوصول إلى قبرص في حدود أسبوع من تسليم الأوراق. أما بعد الوصول بأربع ساعات، فيكون الشريكان متزوجين قانوناً، وجميع أوراقهم مسجلة في السفارة اللبنانية، ما يعتبر خدمة كبيرة لأي شريكين قد يتكلّفان أربعة آلاف دولار أميركي في حالة سفرهما من دون وسيط».
فالمبلغ المذكور «يشمل التكاليف، بدءاً من ترجمة الوثائق واعتمادها لدى السفارة القبرصية في لبنان، مروراً برسوم استخراج تأشيرة السفر، ومراسم احتفال في أحد الفنادق القبرصية، وتوفير مساعد للزوجين من ممثّلي الشركة، والأجر الذي يتقاضاه شهود الزواج، وصولاً إلى تقديم باقة ورد للعروس»، كما يؤكد راجي. ولأن الزواج المدني يتجاوز حدود البدعة الاجتماعية، ملامساً حدود الضرورة، فقد سمحت السفارة اللبنانية في قبرص للوكالة المذكورة بوضع إعلانات لها داخل مقرّها، و«قامت إحدى المنظمات الحقوقية الدولية بعرض تمويل حملة دعائية ضخمة لشركتي في لبنان» كما يشير.
عرض يأتي ربما في سياق البحث عن الحلول الفردية، بعد فشل الحملات الجماعية المنظمة من أجل إنهاء الحالة الوسطية بين اعتراف الدولة بالزواج المدني المعقود في الخارج مع منعها عقده في لبنان، وكان آخرها عام 1998 عندما نجحت المنظمات النسائية والحقوقية في إقناع الرئيس إلياس الهراوي بالسماح بعقد الزواج المدني في لبنان، إلا أنها أخفقت في إيصال القضية إلى البرلمان.


بالنسبة إلى محمد قبيسي، يوفّر وجود شركة وسيطة للزواج المدني الكثير من الوقت والكلفة المالية. أمر لا يحتاج إلى التفكير في إمكان عقد الزواج عبرها، فـ«دوامة الإجراءات لا يجب أن تبتلع نشوة الزواج»