حسان الزيننال الحريري الشاب، في 7 حزيران المجيد بالنسبة إليه، ما سعى إليه. وبات في إمكانه أن يلاقي وليد جنبلاط المخضرم، عند النقطة التي رسمها لنفسه كأحد مفاتيح تجديد التركيبة الأهلية اللبنانية وفق ما تقتضيه الظروف والمراحل. لقد فتح جنبلاط، ثم نتائج الانتخابات، الباب أمام الحريري الشاب للعودة إلى أبيه حيّاً قبل استشهاده. ولعله هو، أي الحريري الابن، شخصيّاً، وقف عند ذاك الباب، حين مدّ يده للجميع.
السؤال: هل الحريري الشاب اليوم «زي ما هو»، أي مثلما كان قبل المعركة الانتخابية وفي خلالها رافعاً شعار «زي ما هي»، في خضم عملية شحذ مذهبية تتناقض، في الجوهر والشكل، مع الدور المحوري الذي أسّس له رفيق الحريري، في النظام اللبناني والاقليمي؟
يبدو أن الحريري الشاب سعى لأن يكون، وهو يبدي استعداداً لطي الصفحة، قويّاً. وهو في ذلك يقلد والده ويقترب منه: عزّز أوراقه وأمسك بها جيّداً وأثبت أنه لا يُحجَّم، بل إنه ركنٌ أساسي في تركيبة النظام. خرج من المعركة أقوى مما كان يُتوقّع ومما كان يُراد له أن يكون.
مغامرة الحديث عن عودة الحريري الابن إلى أبيه، تُسائل انفتاحه وهدوءه اللذين يوحيان بأنه يسعى إلى تجاوز نفسه بما هو ابن الشهيد المؤتَمن على «طائفة» تُحاصَر وتُستهدَف وعلى مصالح تُهدَّد، نحو استعادة دور رفيق الحريري في النظام اللبناني.
لكن دون المهمّة هذه صعوبات، بمعزل عمّا إذا كان الحريري الشاب يريد ذلك في اللحظة الحالية أم لا، وعمّا إذا كانت الظروف المحلية والاقليمية توافق ذلك أم لا. فالحريري الشاب بات، بإرادته ورغماً عنه، زعيماً لمارد مذهبي مستنفَر، الأمر الذي لطالما تجنّب الرئيس رفيق الحريري تظهيره والمبالغة به، نظراً لتناقضه مع الدور المحوري. فالحريري الأب، وإن استنفر العصب المذهبي (السنّي) في انتخابات 2000، إلا أنّه أبقاه «أصغر منه» وتحت السيطرة، وسرعان ما استثمره انفتاحاً وعودة إلى الحكم.
وهكذا، بات على طاولة الحوار اللبناني الأبدي موضوع السلاح الاستراتيجي الحريري.