تستقبل بيروت نهاية أيلول المقبل النسخة السادسة من الألعاب الفرنكوفونية، التي بدا التحضير لها منذ أشهر عدة وتزامنت مع نشاطات موازية تشارك فيها المدارس والشباب اللبناني. «الأخبار» التقت مدير الألعاب مهمان سيريبا الذي تحدث عن أهميتها وما تستطيع تقديمه للبنان وشبيبته
ديما شريف
«كان الوضع السياسي سيئاً في النيجر. لم تكن المعارضة تتواصل مع السلطة وكانا في قطيعة تامة. لكنّ الألعاب الفرنكوفونية ساهمت في تحقيق اللحمة بين مختلف شرائح المجتمع وجمعت السياسيين بعضهم ببعض». بهذه العبارة يؤكد مدير اللجنة الدولية للألعاب الفرنكوفونية مهمان سيريبا إمكانية التقريب بين القوى المتخاصمة في لبنان بواسطة الألعاب الفرنكوفونية السادسة المزمع إجراؤها بين 17 أيلول المقبل و6 تشرين الأول المقبل في بيروت.
عندما التقينا سيريبا قبل إجراء الانتخابات النيابية الأحد الماضي، كان يبدو قلقاً بعض الشيء مما يمكن أن يتمخض عنه الاستحقاق الانتخابي. لكنّه مازح الجالسين وطلب منهم الاتصال بالسياسيين الذين يعرفونهم لتهدئة الأجواء حتى موعد إجراء الألعاب نهاية الصيف.
يشدد سيريبا وكلّ العاملين في التحضير للألعاب على طابعها الشبابي وعلى قدرتها على تحصين الوضع الاقتصادي والمالي للدولة.
ويؤكد سيريبا أنّ في استطاعة الألعاب تعبئة الطبقة السياسية إلى جانب التكافل المجتمعي الذي تحققه، فيما يرى أنّ الألعاب استثنائية لأنّها تجمع الرياضة والثقافة في الوقت نفسه، كما أنها نوع من اللقاء والصداقة مهداة إلى الشبيبة الفرنكوفونية. «تخيلي 3500 شاب وشابة يجمعهم جو من المرح والاستكشاف واكتشاف الآخر عكس الألعاب الأخرى التي يقصدها الأشخاص من أجل الحصول على ميدالية فقط»، كما يقول.
فالهدف من الألعاب الفرنكوفونية الموجهة حصراً إلى الشباب هو خلق مساحة للقاء بين القادمين من دول عدة، إلى جانب إعطاء فرصة للمشاركين للتعبير عن أنفسهم. ويرى القيمون على الألعاب أنّه إلى جانب كونها مكاناً ممتازاً لمزج الثقافة والرياضة لخدمة الشبيبة الفرنكوفونية، فهي فرصة لتجاوز الأنانية وليظهر الشباب أكثر ما يبرعون به، كما يعتقدون أنّها قد سبق واستطاعت تكريس سمعة عالمية لكونها مكاناً يجمع تجارب رياضية وثقافية ذات مستوى عال.
سيريبا راضٍ حتى اليوم عن مدى الاستعداد اللبناني لاستقبال الألعاب تحت شعار «تضامن، تنوّع وتميّز»، وخصوصاً مع مشاركة عدد كبير من المدارس في المسابقات التي تسبق الافتتاح. ويتحدث عن تأخير حصل في بعض الاستعدادات أحياناً في السنوات السابقة نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية السيئة التي كان يمر بها لبنان. ويتذكر كيف كان يضطر إلى إنهاء بعض التحضيرات من غرفة فندقه دون القدرة على مغادرته نتيجة الوضع السيئ. ويؤكد أنّ هناك مشاركين من 50 دولة يريدون أن يأتوا إلى لبنان ليروا هذا البلد الشهير الذي يتكلم الكلّ عنه.
ماذا عن اللغة الإنكليزية؟ ألا تمثّل خطراً على الفرنسية بين الشباب؟ يؤكد سيريبا أنّه لا عقدة نقص «فرنسية» تجاه الإنكليزية، فهي لها قيمتها ولا تدخل في منافسة مع أية لغة أخرى. ويرى أنّ الألعاب تروّج للتنوّع اللغوي والثقافي، وخصوصاً أنّها في لبنان مثلاً تقام باللغتين العربية والفرنسية، فلا وجود للاحتكار اللغوي والكلّ على طبيعته.
رياضياً ستنظم أنواعاً عدة من الألعاب الفردية والجماعية المتنوعة. أما ثقافياً، فإلى جانب المعارض والحفلات ستُنظّم ورش عمل تسمح للفنانين الشباب بعرض مواهبهم. وتنظم هذه الورش بما يسمح بالتبادل بين الفنان والجمهور والرياضيين أيضاً. هذا إضافة إلى مسابقات الغناء، الحكواتي، الرقص، الأدب، الرسم، التصوير والنحت.


العائلة الفرنكوفونية حضن واسع

شاركت المصوّرة الكندية جينفياف رويست (الصورة)، في النسخة الرابعة من الألعاب الفرنكوفونية التي أقيمت في 2001 في بلدها. فطلبت منها إدارة الألعاب المشاركة في الكادر التنظيمي في الدورة الماضية منذ أربع سنوات في النيجر وفي الدورة الحالية. وترى أنّه بعيداً عن الرياضة والمسابقات فإنّ كلّ دورة تساهم في مراكمة ذكريات جميلة وصداقات بين المشاركين من مختلف البلدان. وتصف الألعاب بأنّها دولاب لا يتوقف عن الدوران، بينما ترى أنّ التبادل الذي يحصل خلالها لا يتوقف فهو يستمر بعد انتهاء الدورة ويكون على المستوى الشخصي والمهني، وهو يفتح الأبواب أمام جميع المشاركين في أي مجال كان لتعاون لاحق. وشبهت جينفياف الألعاب بأنّها تساهم في تكوين عائلة فرنكوفونية كبيرة.