عبد الناصر فياض سكريةسيأتي أحد ما في وقت ما ليقول لشخص ما: توقفوا. ويعود ليقول: توقفوا وإلاّ. لا يحق لكم المزيد من الوطنية، لا يجوز لكم الكشف عن المزيد من الحقيقة، حقيقة الخوَنة عملاء العدو الصهيوني وبقية الحقائق. وسيحصل ذلك.
لا يحق لكم المزيد من الوطنية، المزيد من الشعور الوطني، فهذا الشعور الوطني قد يتحول إلى ولاء وطني، وهذا الولاء الوطني قد يصبح داخل الأجهزة الأمنية بكامله، وبالتالي داخل المؤسسات العسكرية، ثم داخل كل مؤسسات الدولة، وداخل مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، ثم داخل المذاهب والطوائف وأهلها، وبالتالي داخل كل لبنان، وأخيراً داخل كل لبناني.
وماذا سيحصل عندها، ماذا سيحصل بعدها؟ يصبح البلد بلداً، والوطن وطناً، والدولة دولة، والمؤسسات مؤسسات، والمواطن مواطناً؟
مَن يريد ذلك ومَن يقبل بذلك؟ في خارج لبنان وداخله؟ ومتى يؤخذ رأي اللبنانيين بلبنانهم؟ متى كان رأيهم مهمّاً؟
إنكم بلد الـ«Delivery» (كما قال لي صديقي مسؤول العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة كبيرة جداً).
وأحدث مثال: دوحة الـ1960، التي نعيش قبحها وسيئاتها جميعاً. كل مَن شارك فيها يسبّها ويلعنها والمشاركين فيها، ويؤكد أنها أفسد ما حصل انتخابياً، ويسمع ذلك الناخب اللبناني الفظيع، والعالم الأفظع، ويأتي لمراقبة الانتخابات الأفسد بطلب من حكومة الوحدة الوطنية.
ألسنا بلد الـ«Delivery»؟ وأيّ شخص أو حزب أو... تظهر عليه عوارض الوطنية يلفظ ويُرمى ويعدم. لذلك تداعي شبكات التجسس للعدو الصهيوني له سقف ستقف عنده. وإلا قد تظهر المستويات الأعلى في الخيانة. وإلا قد نتدحرج نحو بناء وطن. بناء لبنان؟ ومَن سيفعل ذلك؟