تسترزق مقاهي الإنترنت من «خرجيات» أطفال مقامرين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، بانتظار تحرّك القوى الأمنية التي وعدت «الأخبار» بالتحرك قريباً
البقاع ــ نقولا أبو رجيلي
«ليش ما عندك لعبة بوكر» عبارة يردّدها سامر (7 سنوات) قبل أن يخرج غاضباً من الصالة المخصصة للتسلية في إحدى قرى البقاع الشرقي. فقد رفض صاحب مقهى الإنترنت، علي (26 عاماً) الرضوخ لرغبة زبونه، لأنه ليس «في وارد استغلال الأولاد كما يفعل بعض أصحاب هذه الصالات ممن يلجأون إلى أساليب رخيصة غايتها زيادة أرباحهم»، كما يقول.
لم يكن الوقوف على حقيقة ما يجري داخل صالات التسلية بالأمر السهل، إذ رفض جميع أصحابها ممن التقتهم «الأخبار» في مدينة زحلة التحدث في هذا الموضوع، مكذّبين ما اعتبروه «شائعة»، إلّا أنّ تكتّم هؤلاء لم يمنع بعض زبائنهم من البوح. الشاب الذي يبلغ 16 عاماً، والذي آثر استخدام اسم مستعار، فادي، «كشف المستور» شارحاً: «يجري لعب البوكر عبر ولوج الموقع الإلكتروني «فايسبوك»، ومن خلاله إلى برنامجين، الأول يعرف باسم «ريل تكساس بوكر» لا يمكن الدخول إليه إلّا باستخدام بطاقات ائتمانية تحمل أرقاماً سرية، وتباع في المحال المخصصة لبيع بطاقات شحن الأجهزة الإلكترونية». وعن الطريقة التي تدار بها هذه اللعبة، أوضح فادي أن التواصل بين اللاعبين يجري بحسب الأرصدة المالية لكل منهم، بحيث يكوّنون عدة طاولات لممارسة البوكر، وفقاً للسقف المالي لكل مجموعة، على أن تُحسم المبالغ التي يخسرها كل لاعب من بطاقته. أما عن البرنامج الثاني، (تكساس هولدم)، فيقول طوني (21 عاما) وهو اسم مستعار أيضاً، مكملاً حديث رفيقه «هذا البرنامج مفتوح لجميع المشتركين في شبكة الإنترنت»، ليوضح أن الفارق بين البرنامج الأول والثاني، هو أن المبالغ في الأخير تكون وهمية ومجانية، وهنا «مربط الفرس» كما يقول، مشيراً إلى الأساليب التي يتبعها بعض أصحاب الصالات، من بينها تبادل شراء هذه المبالغ المجانية في ما بينهم بمبلغ ألف دولار مقابل مليار دولار، ومن ثم بيعها إلى زبائنهم أثناء ممارسة لعبة البوكر، بمبالغ تراوح بين 2000 و3000 ليرة لبنانية مقابل تزويدهم بالأرصدة. ويجري تحويل هذه الأموال عبر شاشات الكمبيوتر بواسطة أرقام مشفّرة، وتُزاد الأسعار بحسب رغبة الزبائن وحماستهم لمتابعة التحدي مع لاعبين مفترضين على مواقع إلكترونية أخرى، إلّا أن الأمور لا تتوقف هنا، كما يختم طوني، لافتاً إلى «الإشكالات والتضارب بالأيدي وتبادل الشتائم التي تحصل من حين إلى آخر بين الشبان، ومن أهمّ أسبابها تهرّب الكثيرين من دفع مبالغ مالية كانوا قد خسروها أثناء ممارستهم لعبة البوكر في ما بينهم داخل الصالة الواحدة».
أما عن دور الأجهزة الأمنية على هذا الصعيد، فقد أكد مصدر أمني لـ«الأخبار» أن القوى الأمنية بصدد درس عدة خطوات ستقوم بها لاحقاً، بهدف الحدّ من انتشار هذه الظاهرة، التي وصفها بالآفة المستجدة، وكشف أن إدارة كازينو لبنان، التي لها الحق الحصري في إدارة بعض ألعاب الميسر داخل صالتها، كانت قد توجّهت بكتاب إلى الجهات المعنية، شرحت بموجبه تفاصيل ما يجري داخل بعض صالات التسلية وألعاب الكمبيوتر في أكثر من منطقة لبنانية.