علي سليممن الطبيعي أن نتائج الانتخابات مثّلت صدمة للشعب اللبناني، وخاصة لجمهور المعارضة الذي غرق في بحر التوقعات والتحليلات التي أكدت حصول المعارضة على الأكثرية المقبلة، من دون الأخذ بعين الاعتبار عوامل عديدة كانت قد أسهمت بفعالية في قلب نتيجة الانتخابات لمصلحة الفريق الحاكم، وهنا نستعرض أهم الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة:
لقد كان المال الانتخابي المحرك الأساسي والدافع الرئيسي للناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع، وخاصة في الدوائر التي كانت غير محسومة لطرف من الأطراف، وهنا لا ننفي وجوده في الدوائر المحسومة، ولكن بنسب أقل بكثير على أساس أن عدة الشغل إذا صحّ التعبير في الدوائر المحسومة للرابع عشر من آذار كانت تتركز أساساً على الخطابات المذهبية والتخويف من فوز المعارضةمن أنها ستأخذ البلد إلى المجهول ومن أن الاستقرار السياسي والأمني الذي يشهده لبنان في الفترة الأخيرة سيتبدد إذا فاز الفريق الآخر، مما أثر سلباً على تصويت الناخبين في هذه الدوائر وخاصة في طرابلس التي كانت تراهن المعارضة، بحدود، على خرق اللائحة بسبب التركيبة غير المستقرة لللائحة، وتداول الأخبار عن أعمال التشطيب التي ينوي بعض الناخبين القيام بها، مما سيسهل الأمر على الرئيس عمر كرامة. ومن الأمور التي تحسب لفريق الأكثرية، ولعله أبرزها، إشاعة نوع من الطمأنينة في صفوف المعارضة على أن الغالبية النيابية المقبلة ستكون على الأرجح من نصيب المعارضة، مما دفع الأخيرة للتعامل بنوع من التراخي مع ملفات انتخابية حساسة جداً كنقل النفوس من دوائر إلى أخرى، وكانت السبب الرئيس والمباشر في خسارة المعارضة في دائرة زحلة. وعلى الرغم من أن الأمر كان يحصل طيلة الفترة الماضية، كان من الممكن التعامل معه بطريقة أفضل. ثم يأتي خطاب البطريرك ليعطي دفعاً صريحاً للموالاة على حساب المعارضة، وهنا لا بد من الإشارة إلى الثغرات الموجودة في آلية التطبيق التي اعتمدتها وزارة الداخلية لعملية الاقتراع والتي يجب العمل على تذليلها في المرة المقبلة. وعلى الرغم من كل التجاوزات التي حصلت، لا بد من التنويه بالخطاب السياسي للفرقاء اللبنانيين الذي من الممكن أن يكون الأساس للعمل معاً من أجل الخروج من الأزمات والدخول في مرحلة طويلة الأمد من الاستقرار السياسي للعمل على الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطن من أي جهة أتى، وتحقيق آمال كل اللبنانيين بالعيش الكريم في وطنهم.