محمد حسين شندبعرفتُك منذ نصف قرن قائداً عظيماً لسفينة الدعوة الإسلامية في لبنان. لقد نجحت يا أبا بلال في إنشاء أهم حركة إسلامية تؤمن بالإسلام ديناً ودولة ومنطلقاً لإقامة أمة جديدة دستورها القرآن وهدي الرسول محمد.
وفي زمن المد الاشتراكي والقومي، كنتَ قمة في الصمود والثبات والصدق والإخلاص، لا تخاف من بطش الحكام ولا تخشى من مكائد الأجهزة الأمنية المحلية والإقليمية. كنت تنفخ فينا روح الجهاد والبطولة، وتنطلق أمامنا في درب القوة والعزة. كنت تصرخ دائماً في وجه الطغاة والظالمين. يا هذي الدنيا أصيخي واشهدي أنّا بغير محمدٍ لا نقتدي.
لقد أعطيتَ حياتك كلها للدعوة، حتى امتزجت في عقلك وقلبك وكل ذرة من ذرات بدنك، حتى صرت علماً من أعلام الإسلام، ليس على مستوى لبنان والعالم العربي، بل على مستوى الكرة الأرضية.
لقد تحولت كتبك أيها الراحل العظيم إلى منارة تسترشد بها أجيال الصحوة الإسلامية. لقد تحولت يا أبا بلال بصدقك وإخلاصك إلى ينبوع رقراق ترشف منه الأجيال المتعطشة للسير على درب الهدى والحق والحرية.
وفلسطين من البحر إلى النهر بقيت همّك المتواصل وشغلك الشاغل. نعم، لقد رسمتَ للأمة منهج التحرير، فكان جيل الانتفاضة الإسلامية في أرض الإسراء والمعراج، وكان رجال «حماس» الذين يشقّون بدمائهم الطاهرة درب الفجر الجديد.
وكانت مواقفك السياسية تنطلق من هذا المنهج، لا تحابي ولا تساير ولا تبالي بمدى الربح والخسارة، هدفك الصدق مع الله والصدق في مواجهة مشاريع الهيمنة الأميركية والصهيونية. لقد ترفّعت عن الحطام وتسربلت بأخلاق الكرام.
لقد زهوت بدنيا الفناء وسرت في موكب الأولياء حتى بلغت درجة الأصفياء.
سلام عليك يا أخي في الأولين، وسلام عليك في الآخرين، وسلام عليك إلى يوم الدين.