قدّم النائب ميشال المر شكوى أول من أمس، إلى النيابة العامة التمييزية، اتهم فيها محطة «أو تي في» بالتزوير، فيما أكد إداريو المحطة أن الشكوى تتمحور حول حديث مصوّر نقلته المؤسسة عن أحد أعضاء ماكينته الانتخابية
أحمد محسن
لم تفاجئ الشكوى التي تقدّم بها النائب ميشال المر (ضد شركة تلفزيون «أو تي في») أول من أمس أحداً. أظهرت نتائج الانتخابات الأخيرة، والفترة التي سبقتها، خلافاً جذرياً، ونزاعاً إعلامياً حاداً بين الفريقين؛ لم يجد كلاهما مفراً منه، سوى اللجوء إلى القضاء. فبعد مبادرة التيار الوطني الحر، ورئيسه النائب ميشال عون، إلى إعلان نيته تقديم طعنٍ في دستورية انتخاب المر، تقدّم الأخير بشكوى لدى النيابة العامة التمييزية، ادعى فيها على المحطة «بجرم التزوير واستعمال المزوّر والتحريض والحضّ على النزاع بين عناصر الأمة». وجاء في نص الشكوى إلى القضاء، أن المر أرفق شكواه بشريطين ومستندات. لكن الأمر ليس عفوياً، أو ردّ فعل كما يظهر. ففي سياق موازٍ، تقدمت مطرانية جبل لبنان للسريان الأرثوذكس بشكوى لدى النيابة العامة، على أحد أبنائها، وهو الأب الياس يعقوب العكاري في «جرم اختلاس أموال وسرقة أموال الوقف وافتراء ورشوة وتزوير جنائي».
وكانت محطة «أو تي في» قد نقلت تسجيلاً صوتياً للنائب المر، أخيراً، أثناء محادثته الأب الياس العكاري، ما أحدث بلبلة واسعة في صفوف اللبنانيين عموماً، والمتنيّين خصوصاً، لكنْ هناك التباس. فالشكوى التي تقدّم بها النائب المر، لا تمتّ إلى نشر هذا الفيديو بصلة، كما أكد ميشال شويري، المسؤول الإعلامي في مكتب النائب المر. وتابع شويري، شارحاً أن الشكوى هي ضد «بعض اللقطات التي بثّتها المحطة التلفزيونية خلال الحملة الانتخابية، والتي حاولت تحريض الأرمن ضد الرئيس المر». واستفاض شويري، ليتّهم المؤسسة التلفزيوينة، باستعمال الدوبلاج فوق صورة الرئيس المر، على بعض مقاطع الفيديو التي تعرضها المحطة، إضافةً إلى «محاولة تشويه علاقة المر بالمواطنين الأرمن عبر بثّ صورته إلى جانب بعض تصريحات أمين الجمّيل ضدهم خلال الانتخابات الفرعية الأخيرة». وعند الاستيضاح عن حديث الأب عكاري، علّق الشويري بأن مطرانية السريان الأورثوذكس، هي التي تقدمت بدعوى بهذا الشأن. الأمر الذي علّق عليه المر، في مؤتمره الصحافي أمس، فاتّهم الكاهن العكاري «بالابتعاد كل البعد عن الكهنوت»، مؤكداً أن الحقائق باتت واضحة في رأيه. ولفت الأب العكاري في حديث إلى «الأخبار» إلى أن الشكوى ضدّه جاءت بعد التسجيل الصوتي الذي بثّته الـ«أو تي في».
أما من جهة محطة الـ«أو تي في»، في شكوى المر، فقد استغرب أحد الإداريين فيها، الحديث عن دوبلاج وتزوير. اعتقد الإداري في المحطة أن سبب الشكوى هو بث الشريط الذي «تعرّض فيه الأب عكاري للتهديد من المر». لكن أوضحت جيلبيرت حداد، المسؤولة الإدارية في المؤسسة، أن سبب الشكوى هو مقطع صغير، بثه أحد البرامج على المحطة (خبر أو خبرية)، حيث مر فيه مشهد، يبرز فيه رئيس بلدية نباي، ويعلن أنه من مناصري النائب المر، لافتةً إلى أن الشخص المذكور هو من أعضاء ماكينته الانتخابية أيضاً. ومر في المشهد المذكور، رئيس البلدية يقول: «يا ريت بشير الجمّيل لما خلص من الكرنتينا، كفّا على برج حمود»، وهو الأمر الذي عدّه مقرّبون من المر، محاولة للإيقاع بين زعيم بتغرين والمواطنين الأرمن.
لكن وفي هذا الإطار، أكدت حداد، أن البرنامج التلفزيوني، نقل الخبر عن رئيس بلدية نباي بصوته وصورته بملء إرداته. أما الحديث عن صور المر، إلى جانب تصريحات الرئيس أمين الجمّيل العنصرية ضد الأرمن، وأحداث السابع من آب، فأكدت الإدارية أن هذه الصوّر، مرت في سياق عرض تفصيلي لمشاهد مأخوذة من المتن، وكان واضحاً أن الرئيس المر غير مقصود شخصياً من عرضها.
وبعد انتقال المنافسة بين الفريقين المتنيين، من الإعلام إلى القضاء، كلف النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا المحامي العام التمييزي القاضي شربل أبو سمرا إجراء التحقيق في شكوى المر، إضافة إلى ذلك، أعلن المر خلال مؤتمره الصحافي أمس، أنه بصدد تقديم طعن إلى المجلس الدستوري، في ما يخص «نسبة الاقتراع غير الطبيعية عند الناخبين الأرمن»، فيما ألّف التيار الوطني الحر، لجنة من قضاة متقاعدين ومحامين، لتعدّ الملفات القانونية التي سيتخذ النائب ميشال عون على أساسها القرار النهائي بالتقدم بالطعن أو عدمه، رغم إعلانه في أكثر من مناسبة شكوكه في نجاح النائب المر.


سكايز: نتضامن مبدئياً

لفت المسؤول في مؤسسة سكايز لمراقبة شؤون الإعلام والإعلاميين، خالد صبّيح، إلى أن مؤسسته بصدد إعداد تقرير عن الدعاوى القضائية المقدمة من جهات سياسية، ضد مؤسسات إعلامية، لافتاً إلى أن مؤسسته لا تتدخّل في عمل القضاء، بل تطالب بعصرنة قانون المطبوعات، وحماية الصحافيين من التعرض للسجن بسبب إحدى المواد الإعلامية، حتى لو كانت تشمل أخطاءً. ورأى صبيح في قضية المر و«أو تي في» جزءاً من سلسة طويلة، لا يمكن التعليق عليها قبل صدور حكم القضاء، إلا أن «سكايز» ترفض تعريض أي إعلامي لخطر السجن، مطالباً بإصلاح قضائي في هذه المسألة.