أحمد محسناستيقظ اللبنانيون أمس على وقع التصريحات الإعلامية الغاضبة التي أدلى بها النائب بطرس حرب، وكيل عائلة الملازم أول الطيار سامر حنا (الذي استشهد بعد تعرّض طائرته المروحية لإطلاق نار في أجواء تلة سجد في الجنوب في 28/8/2008). وبرزت نقمة حرب على المحكمة العسكرية واضحة في السرايا الحكومية الكبيرة، حيث أعلن نيّته تقديم اقتراح قانون يلغي المحاكم الاستثنائية، وبصورة خاصة المحكمة العسكرية، على أن تبقى صلاحيات المحكمة العسكرية محصورة في القضايا التمهيدية التي تخص العسكريين.
لكنّ الأمر لم يكن مستغرباً على الإطلاق بالنسبة إلى المحامي محمد منتش، وكيل الموقوف (مصطفى م.)، لا بل رأى أن الأمر طبيعي جداً. وعلى عكس حرب، عرض منتش الخطوات القانونية، محاولاً قدر الإمكان الابتعاد عن السياسة. وأكد المحامي منتش أن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، جان فهد، ادّعى على الموقوف بتهمة القتل المتعمد، لكونه كان في منصب المفوّض العام قبل التشكيلات القضائية الأخيرة. بعد ذلك تحوّل الملف إلى قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج، الذي عالج أدق التفاصيل في القضية. وجاء في التحقيقات أن المدّعى عليه كان مرابطاً في موقعٍ للمقاومة حين لاحظ الطائرة المروحية تقترب، من دون وجود أي إشارة عليها تدل على أنها تابعة لسلاح الجو اللبناني، ما حدا به إلى إطلاق النار باتجاهها لإصدار إنذار بأن طائرة مروحية إسرائيلية باتت قريبة. وأكدت تحقيقات المحكمة العسكرية أن الطائرة كانت بعيدة عن المتهم مسافة قدّرتها بحوالى 300 متر، وأنه أطلق عليها خمس رصاصات فقط، لافتةً إلى أن الزجاج الأمامي للطائرات المروحية يكون مصفّحاً عادةً، وهو ما لم يكن متوافراً. وعلى هذا الأساس، جاء في القرار الظني لقاضي التحقيق أن محاولة القتل لم تكن متعمدة. هكذا، تحولت التهمة من جناية القتل المتعمد، إلى جنحة القتل غير المتعمد، ما سمح لوكيل المتهم بتقديم طلب إخلاء سبيل (موقوف منذ ما يقارب سنة) بموجب المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية الجديد، تنص على أنه «ما خلا حالة المحكوم سابقاً بعقوبة مدتها سنة على الأقل، لا يجوز أن تتعدى مدّى التوقيف في الجنحة شهرين، يمكن تمديدها مدة مماثلة حداً أقصى في حالة الضرورة القصوى». وفي سياق متصل، رفض المفوّض العام الحكومي لدى المحكمة العسكرية، صقر صقر، قرار إخلاء السبيل، بصفته ممثلاً للادعاء، لكنّ الكلمة الفصل كانت للمحكمة برئاسة القاضي العميد الركن نزار خليل.
وفي ضوء الاستغلال السياسي المتواصل لقضية الشهيد حنا من أكثر من فريق سياسي، قالت والدة الطيّار المفجوعة لأحد المواقع الإلكترونية: «قطرة دم من ابني تساوي لبنان كله».