حسام كنفانيمفارقة لافتة تعتري مسار المصالحة الفلسطينية حالياً. فقد بات الاتفاق الفلسطيني رغبة أميركية ملحّة في عهد باراك أوباما، بعدما كان إلى الأمس القريب في عهد جورج بوش، وحتى في الأيام الأولى للإدارة الجديدة، ممنوعاً منعاً باتاً. على هدي هذه الرغبة تسير المشاورات واللقاءات الفلسطينية الأخيرة في القاهرة وقطاع غزّة والضفة الغربية، تمهيداً لاجتماع الأمناء العامّين للفصائل كافة في السابع من تموز المقبل في العاصمة المصرية. اجتماع من المفترض أن يخرج باتفاق إنهاء الانقسام، حتى لو بقيت قضايا خلافية كبيرة عالقة بين الطرفين المتنازعين «حماس» و«فتح».
فالاتفاق سيأتي «كرمى لعيون» أوباما، ولا علاقة للفصائل الفلسطينية به. إنه اتفاق الضرورة في المرحلة الحالية، حتى وإن كان لا يرضي الأطراف المعنيّة به. فالقاهرة ومعها دمشق تعملان على خطَّي «فتح» و«حماس» للقبول بهذا الاتفاق المرحلي، الذي من المفترض أن يسبق إعلان خطة أوباما ويمهّد لها.
من الواضح أن الحماسة المفاجئة للمصالحة الفلسطينية لم تعد حكراً على القاهرة، وخصوصاً بعد الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل إلى دمشق، وتزامنها مع جولة الرئيس الديموقراطي الأسبق جيمي كارتر على قيادات الحركة الإسلامية في العاصمة السورية وقطاع غزّة. فقد تمكّن كارتر من انتزاع مواقف غير مسبوقة من حركة «حماس»، على غرار ما أعلنه إسماعيل هنية بشأن القبول بدولة على حدود عام 1967، من دون أن يرفقها، كما جرت العادة لقادة الحركة الإسلامية، بهدنة السنوات العشر.
الجميع مجمع حالياً على ضرورة إمرار استحقاق المصالحة كيفما اتفق، وانتظار ما في جعبة «الساحر» الأميركي الذي يشترط وحدة الفلسطينيين للانخراط التام في خطته السلميّة. على هذا الأساس، فإن «المصالحة» ستجري في السابع من تموز، كما حدّد المصريّون، لكنّ مصيرها النهائي سيتوقّف على مسار خطة التسوية الأميركية، التي من المفترض أن تكون شاملة للملفات كلها.
فالمصالحة في الأساس لن تكون مكتملة العناصر، ونسفها لن يحتاج إلى الكثير من الجهد، وغايتها الأساسية هي التمهيد لإعادة إطلاق خطة التسوية، التي سيكون تعثّرها مناسبة للأطراف الفلسطينية للمطالبة بـ«المكتسبات» التي سيُتخلّي عنها مؤقّتاً، وبالتالي العودة إلى المربّع الأول.