بسام القنطارتسعى المنظمات العربية غير الحكومية إلى مواكبة المفاوضات، الشديدة الحساسية، والتي تهدف إلى تبنّي اتفاقية دولية جديدة حول التغيّر المناخي تحلّ مكان اتفاقية كيوتو بعد انتهائها عام 2012. «المهمة لا تقلّ تعقيداً وحساسية عن المفاوضات نفسها، فبالإضافة إلى المواقف اللامبالية للعديد من الدول، تتجه الدول العربية النفطية إلى عرقلة المفاوضات عبر منع مجموعة الـ77 من اتخاذ موقف موحد من سلة المطالب التي يجب على الدول الصناعية أن تلتزم بها في حال التصديق على الاتفاقية الجديدة». الكلام للمدير التنفيذي لرابطة الناشطين المستقلين «إندي آكت» وائل حميدان خلال ورشة العمل التي دعت إليها أمس، شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية في مقرّها في وطى المصيطبة.
شارك في الورشة خبراء وناشطون من لبنان والأردن وسوريا ومصر، وتضمّنت عرض ورقة عمل أعدّها حميدان حول «التغيّر المناخي ودور منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية». كما عرضت آخر التطورات في المفاوضات الدولية والقضايا الشائكة ومواقف بعض البلدان العربية منها. وفي ختام الورشة نوقشت إمكانات التحرك المشترك قبل انعقاد مؤتمر كوبنهاغن.
مع نهاية عام 2007، باشر «مؤتمر الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ عملية تمتد إلى سنتين لوضع اتفاقية جديدة، يفترض أن تنجز في كانون الأول المقبل في كوبنهاغن. وتصنف المنظمات البيئية العالمية هذة الاتفاقية على أنها «الفرصة الأخيرة» لإنقاذ كوكبنا. ولم تشارك الدول العربية بفعالية في صياغة هذه الاتفاقية، بالرغم من أنه لا يزال بمقدورها التأثير فيها إذا أوليت المسألة أهمية وعمدت إلى تطوير مواقف قوية.
حميدان العائد من الاجتماع الـ 14 لوضع أطر اتفاق كوبنهاغن، نبّه إلى انقسام مواقف الدول النامية وتشتّتها مقابل مواقف أكثر تصلباً وتماسكاً من الدول الصناعية. وبين هذه وتلك، وحدها مجموعة من الدول ـــــ الجزر، الواقعة في المحيط الهادئ تتصرف على أن مصيرها يتعلق بهذة الاتفاقية، وخصوصاً أن إحدى نتائج تغيّر المناخ هي ارتفاع مياه البحار، وبالتالي زوالها من الوجود.
أما الصين والهند والبرازيل فهي تسعى إلى بلورة اتفاقية ملزمة للدول الصناعية، لكنها لا ترتّب عليها مسؤولية عالية. فيما تطالب الدول النفطية، وعلى رأسها السعودية، بتعويض عن الخسائر التي ستلحق بها إذا تمّ التخلّي عن الاعتماد على الوقود الأحفوري واعتمدت الطاقات البديلة. وهي مواقف بحسب حميدان «تعطّل صدور موقف موحّد للدول النامية».
الأمين العام لشبكة المنظمات العربية زياد عبد الصمد، شدد على ضرورة خلق رأي عام عربي مؤيد لتوقيع اتفاقية جديدة، مع ضرورة عدم تحميل الدول النفطية العربية كامل المسؤولية عن عرقلة المفاوضات، وخلق مساحة أوسع من النقاش، وخصوصاً أن تجربة قمة جوهانسبورغ بيّنت أن عدداً من الدول العربية تخلّت عن نقاط جوهرية كانت في مصلحتها تحت شعار التضامن العربي والموقف المتشدد للدول النفطية حينها. ولفت الزميل حبيب معلوف إلى أهمية رفض التبعية وضرورة نقل التكنولوجيا المتعلقة بالطاقة المتجددة إلى الدول النامية كبند أساسي في الاتفاقية، وإلى التركيز على تفعيل السياسات والتشريعات المتعلقة بالطاقة البديلة في الدول العربية.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة البيئة اللبنانية قدمت في شباط الماضي «ورقة موقف» إلى مؤتمر الأمم المتحدة الإطاري الثالث عشر حول تغير المناخ. لكن هذه الورقة التي تصنف «رسمية»
لم تحز الاهتمام الكافي في وزارة البيئة ولم يناقشها مجلس الوزراء.


نسخة غير حكومية لاتفاقية كوبنهاغن

شاركت «إندي آكت» مع مجموعة من المنظمات غير الحكومية الدولية، بينها الصندوق العالمي للطبيعة ومنظمة غرين بيس بعرض نسختها المقترحة لـ«اتفاق كوبنهاغن للمناخ» التي تنص خصوصاً على تقليص الدول الثرية لانبعاثاتها من غازات الدفيئة «بما لا يقل عن 40%» مع حلول عام 2020، وعن 95% مع حلول عام 2050، مقارنة بنسب 1990. وصاغ النصّ خبراء من الجمعيات من أكثر من 20 دولة، وهو يرمي إلى اقتراح نموذج اتفاقية «متناسق وكامل» قبل ستة أشهر على قمة كوبنهاغن.
ورغم أن بعض الحكومات قالت إن «النص غير واقعي»، إلا أن حميدان يرى أن «الأمر غير الواقعي هو اكتفاء الدول الصناعية بالاقتراحات التي صاغتها حتى الساعة والادّعاء بأنها ستنقذ العالم، رغم علمها بخطورة الموقف لا بل بكارثيّته».