الهرمل ــ رامي بليبل«فاض الكيل» بأهل بلدة البويضة في قضاء الهرمل. فالبلدة محرومة من المياه منذ أكثر من عامين رغم أن القضاء عائم على بحر من المياه العذبة. أمس، انفجر غضب الأهالي، فهم لم يعودوا يحتملون صبراً على الإهمال الفاضح لهم، وهم مواطنون في هذه الدولة، والمتمثل في انقطاع مياه الشفة عن بيوتهم منذ عامين من دون أن يكون لأي أحد علاقة بذلك، فلا مكتب المياه الخالي من الموظفين الفعليين معنيّ بإيصال المياه وحلّ المعضلة، ولا البلديات حسب القانون تستطيع التدخل إذا أرادت ذلك، ولا المسؤولون أبدوا استعداداً أو حتى قطعوا وعداً برفع العطش عن أهالي البلدة اللذيني يحاولون عبثاً حل مشكلتهم وتسيير أمورهم عبر شراء صهاريج المياه تارة، التي بلغت حتى الآن 1268 صهريجاً، أو عبر الاستعانة بالجيران ممن لديهم آبار ارتوازية تارة أخرى، وهي لا تتجاوز «دزينتين ونصف دزينة»، ما دفع الأهالي العطاش إلى قطع الطريق العام بين محافظتي بعلبك الهرمل وعكار بالإطارات المطاطية المشتعلة وبالحجارة متجمعين رجالاً ونسوة وأطفالاً خلفها، علّ دخان الإطارات يوصل صوتهم إلى آذان المعنيين.
المختار أحمد ناصر الدين قال لـ«الأخبار» إنه جرت مراجعة المعنيين لجهة إصلاح الأعطال الحاصلة على شبكة المياه، وإزالة التعديات التي تعوق وصول المياه «لكن آذانهم كانت صماء ولم يتحركوا»، مؤكداً أن الرسوم المستحقة تُسدَّد سنوياً بانتظام وبشهادة المعنيين في مكتب المياه، باستثناء السنتين الأخيرتين اللتين انقطعت فيهما المياه.
عدم الدفع كان «احتجاجاً على عدم توفير الخدمة، وغياب الرقابة التي هي حاجة ملحّة، ولا سيما في الصيف الذي بات على الأبواب» كما قال. وأضاف: «ارحموا هذه المنطقة التي تعيش على بحر من المياه وهي في أزمة عطش». وأمس استطاع الجيش اللبناني والقوى الأمنية فتح الطريق المقطوعة وإخماد لهيب الإطارات، لكنهما لم يستطيعا أن إطفاء لهيب العطش في أفواه أبناء البويضة وصدورهم، التي تبعد عن نهر العاصي 700 م فقط، يمرون بالقرب منه يومياً متسائلين: «هل تمر المياه على عطشان ؟»، ومؤكدين أن تحركاتهم مستمرة بأساليب مختلفة إلى أن تُروى عائلاتهم، وهذا أبسط الحقوق، وأضعف الإيمان.