عند مقارنة قوّة الحركة الطالبيّة في الستينيّات من القرن الماضي، بواقعها اليوم، لا بدّ من التساؤل: «أينَ هم الشباب؟». من هنا أهميّة تمكينهم مجدداً
هاني نعيم
يهدف مشروع «تعزيز مشاركة الشباب اللبناني وتمكينه»، الذي يتعاون على تنفيذه فريق عمل وكالات الأمم المتحدة المتعلقة بالشباب، ووزارة الشباب والرياضة، إلى تعزيز مشاركة الشباب اللبناني في كل مجالات الحياة العامة من جهة، وإلى دعم عملية صنع القرار والإصلاحات السياسية من جهة أخرى، عبر صوغ سياسة شبابية وطنية في لبنان واعتمادها.
بعد انتهاء المرحلة الأولى، التي تمحورت حول القيام بدراسات عن الشباب وتوثيقها، بدأت المرحلة الثانية من المشروع، التي ترتكز على إجراء اجتماعات تشاوريّة، مع خبراء وممثلين عن الوزارات المعنيّة بالشباب، وعن منظمات مدنيّة، تهدف إلى مناقشة الوثائق المرجعية حول واقع وتحديات الشباب اللبناني. أما المرحلة الأخيرة من المشروع فستكون على شكل اقتراحات حول توصيات ستعرض على الهيئات الحكومية بهدف رسم سياسة شبابية وتحديد آليات تنفيذها.
تأتي ورشة عمل «الشباب اللبناني والقوانين»، التي نظّمها نهار الخميس الماضي، مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، بالتعاون مع معهد حقوق الإنسان في «بيت المحامي»، وبالتنسيق مع مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان، في سياق الأعمال التشاوريّة للمرحلة الثانية.
خلال ورشة العمل المذكورة، أجرى المحامي نزار صاغيّة مداخلة تركّزت على «مشاركة الشباب قانوناً»، وتضمّنت انعكاسات الأحكام القانونية عليهم في مجال الحيّز الخاص (كالهويّة الطائفية والمواطنة)، والتربية والتعليم (كحق التعليم للجميع، وأهداف النظام التربوي والمناهج)، ليفتح بعدها النقاش حول «النظام التربوي: مدخل لخلق جيل لاطائفي».
إلا أن الجلسة الأولى من الورشة لم تخرج عن السياق التقليدي لنقاشات المجتمع المدني. فالمداخلات لم تلامس الواقع بقدر ما كانت عموميّة وتنظيريّة، إذ تداول الحاضرون أفكاراً مثل: المدارس تنتمي إلى الطوائف، وكل طائفة لها كتاب تاريخها الخاص. ضرورة إقرار قانون أحزاب عصري. المشاركة الشبابيّة موجودة، ولكنّها مفرّغة من مضمونها الحقيقي، ليستخلصوا في النهاية أن المشكلة في النظام الطائفي: فالشباب يتبعون زعماء الطوائف، ونحن لم نقدّم لهم أي بديل من طوائفهم.
أما المداخلة التي انتهت بإلقاء «قنبلة»، فقد قدّمتها فاديا حلال، من وزارة الشباب والرياضية، وأنهتها بإعلان موقف يعارض «إعطاء المثليّين حقوقهم»، ما استوجب تدخل ممثل جمعيّة حلم (حقوق لبنانية مثليّة)، غسان مكارم، لتذكيرها بأن «المثليين فئة من المجتمع لا يجوز إسقاط حقوقها»، ما جعلها تستدرك قائلة: «كان هذا رأيي الشخصي، وهو ينطلق من مبادئ وقيم».
أما النقاشات خلال الجلسة الثانية، فقد كانت أكثر تقنيّة وتخصصية، إذ تمحورت حول التوصيات، واقتراحات الإضافات والتعديل للمواد القانونيّة المقترحة، والتي قسّمت إلى عدد من الأبواب: ضمان حظوظ متساوية للفرد في إنماء ذاته، وفي اكتساب المعرفة والخبرة، وفي مجال العمل، بالإضافة إلى ضمان حرية الشباب في التعبير والتجمّع، وفي المشاركة في الحياة العامة.
ما زال المشروع في مرحلته الثانية، فهل يستطيع تحقيق هدفه؟