القضية بدأت قبل عام، «سحرة الافاعي» أولئك الذين يشكلون منذ زمن طويل جزءاً من المشهد المحيط بجامع الفنا في مراكش، يواجهون انتقادات عنيفة.أُطلقت ضدهم عريضة جمع كاتبوها 700 توقيع من مختلف أنحاء العالم، جاء فيها أن هؤلاء اللاعبين يعذبون أفاعي ويستخدمون أساليب غير «شرعية» في ملاعبتها، ينكزونها بعصا مؤلمة لتنتصب أمام السياح. ولكن موقعي العريضة قد لا يدركون التأثير السيئ للحملة التي تتردّد أصداؤها حتى بدأ بعض «السحرة» أو ملاعبي الأفاعي بالتراجع عن نشاطهم خوفاً من الانتقادات وضغوط بعض السياح.
الأفاعي التي ترقص أمام عيوننا، تصل إلى ساحة الفنا بعد أن يلتقطها ملاعبوها في قرى جنوب أغادير، ثم يتدرب الساحر والأفعى على «عروضهما».
يبدو أن مراكش تستسلم شيئاً فشيئاً للشروط التي تفرضها «ذهنية السياح الغربيين»، فالمدينة التي استقبلت العام الماضي نحو 7،5 ملايين سائح، أطلق المسؤولون فيها ورشة لزيادة الفنادق وغرف الضيافة.
في ساعات الليل المتأخرة، بعد أن ينسحب السحرة والمهرجون والرسامون من ساحة الفنا، يتوزع أفراد من «شرطة السياحة» يراقبون المكان، وفق ما جاء في تحقيق نُشر في صحيفة «لوموند» الفرنسية.
مراكش تعيش اليوم بين رغبة الانخراط مجدداً في الحداثة، والمحافظة على طابعها القديم. راحة السياح أولوية، ولكن من المهم أيضاً أن تبقى مراكش حاضنة لخيالاتهم وأحلامهم، وأن تبقى كما هي بمبانيها القديمة الحمراء، بحدائقها وحاراتها الصغيرة.
من الفندق الفخم، وهذا النوع من الفنادق في تزايد، قد ينتقل السائح إلى زواريب قديمة في المدينة، الرحلة تتم في عربة يجرها حمار أو حصان، إنها سيارة «4×4» وفق ما يعلق بعض سائقيها ممازحين الركاب.
زيارة مراكش تتطلب العيش فيها لأيام، التعرف إلى الرياض التي رُمّمت في السنوات الأخيرة، أن يترك المرء الحارات تقوده نحو نهاياتها، أن يزور الفيلات القديمة، والمعالم التاريخية، أن يستسلم لشرح ما يُعرض عليه في الأسواق الشعبية والسياحية، والأهم بالطبع هو التعرف إلى حدائق المدينة، النظر إليها بعين جديدة، استنشاق ورودها.
أخيراً، ليعد المرء من حيث انطلق، يمضي سهرة في ساحة الفنا مع سحرة الأفاعي.