strong> 4355 موقوفاً في ثلاثة أشهر تعلن قوى الأمن الداخلي عدد الموقوفين لديها أخيراً. يظهر الرقم مخيفاً وفقاً لإحصاءاتها، إذ إن معدّله خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة قارب خمسين (48.3) يومياً. لكن بعد الاطلاع على بعض التوقيفات، يخفّ وقع الرقم قليلاً
أحمد محسن
دأبت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، في الآونة الأخيرة، على إعلان عدد الموقوفين يومياً، على وسائل الإعلام. يتفاوت عدد هؤلاء بين عشرين وستين موقوفاً في اليوم، وفقاً لأرقام المؤسسة الأمنية. أرقام كبيرة. تتنوع الشبهات التي تحوم حول من تشملهم. يتوزعون بين النظارات في المخافر، وتالياً، بين السجون. يخيّل لمتابع أحوال الأمن أن غرف الاحتجاز الممكنة قد لا تستوعب عدداً كهذا من الموقوفين. وتشير إحصاءات قوى الأمن الداخلي، في هذا الصدد، إلى وجود 1458 موقوفاً في آذار المنصرم، 1442 في نيسان و1455 في أيار، والحبل على الجرار. أكثر من ذلك، فقد لفتت مصادر متابعة لشؤون السجن المركزي في رومية إلى أن السنة الحالية سجلت ارتفاعاً في عدد الزوار «يقدّر بزيادة 350 نزيلاً جديداً عن السنة الفائتة». ولفتت المصادر نفسها إلى أن حركة الخروج سريعة هي الأخرى، حيث لا تتعدى مدة معظم التوقيفات أسبوعاً. نشاط لافت للقوى الأمنية على الصعيد الجنائي، لكن الأرقام الكبيرة تطرح أسئلة عن طبيعة هذه التوقيفات الكثيرة.
وفي هذا السياق، أوضح مسؤول أمني متابع لـ«الأخبار» أن جزءاً كبيراً ممن يرد ذكرهم ضمن هذه الأرقام يخرج سريعاً من قيود التوقيف الأمنية، تبعاً لحالات لا تستوفي أكثر من التحقق أو التحقيق. ويؤكد المسؤول الأمني أن المُضي في توزيع هذه الأرقام وإعلانها عبر وسائل الإعلام ليس عرضاً للعضلات كما يمكن أن يتصوّره البعض، بل هو محاولة يومية لإتاحة الفرصة أمام المواطنين للتعرّف إلى جزء من الصورة الأمنية، يستحقون الاطلاع عليها بطريقة شفافة، ولا تتعارض مع الدقة التي يقتضيها العمل الأمني. بيد أن هذه المعطيات، في جميع الحالات، لا تنفِ ضرورة الاطلاع على سلسلة من التوقيفات، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أي منذ بدأت القوى الأمنية بتقديم الموقوفين إلى الإعلام كأرقام.
توقيفات خارجة عن المألوف
أسهمت الضابطة الإدارية والعدلية في مطار رفيق الحريري الدولي في توقيف مشتبه فيها بتهريب المخدرات. حتى الآن، لا يبدو الخبر غريباً. فالضابطة العدلية، وإن كانت إدارية، رأس حربةٍ في الحفاظ على الأمن. لكن الغريب في الأمر هو أن الموقوفة نيبالية الجنسية، «ورجّحت» تقارير أمنية رسمية أن تكون المضبوطات التي كانت في حوزتها عبارة عن مادة الكوكايين، من دون أن تؤكد ذلك، علماً بأنها ذكرت أن وزنها 9,7 غرامات، بيضاء اللون، إضافة إلى «عشبة يابسة غريبة» وزنها 12,5 غراماً، وذلك أثناء سفرها إلى وطنها. وفيما يرجّح أن تكون الموقوفة النيبالية، نامينا باهادور غولي، إحدى العاملات في لبنان، أوقفت عمليات السفارات أيضاً أحد الأشخاص المتزوجين من امرأة تنتمي إلى كبريات الجاليات العاملة في لبنان: الفيليبين. توجه علي (22 عاماً) إلى مبنى السفارة الفيليبينية بسبب «هروب» زوجته التي أخذت معها ابنتهما. هناك، تلاسن مع أحد الموظفين المدنيين في السفارة.. لم يكن «دخول السفارة مثل خروجها»، فقد أوقفه عناصر حراستها. وفي العودة إلى فصيلة الضابطة الإدارية والعدلية، تسلّمت الأخيرة شخصاً من دورية لفرع الشكاوى والتحقيقات في جهاز أمن المطار يعمل ميكانيكياً في إحدى الشركات. لاحظت الدورية أن الميكانيكي أطلق العنان لكاميرا هاتفه النقال، وراح يصوّر الطائرات، من دون تمييز بين عسكريةٍ منها أو مدنية. تعرّض الموقوف للتحقيق، وأفاد أنه يقوم بذلك من باب التسلية وحسب. لم يقتنع القضاء بذلك، وبعد مراجعته من قبل القوى الأمنية، أشار بتوقيف الميكانيكي الذي يهوى التصوير، وتوقيف الهاتف النقال أيضاً.
رجال أمن وقاصرون في قفص الشبهات
قد يكون أول ما يتبادر إلى الذهن، في الحديث عن توقيف غير مألوف، هو توقيف القوى الأمنية رجل أمن للاشتباه في اقترافه عملاً جنائياً عادياً لا يمتّ إلى عمله العسكري بصلة. كان توقيف المجنّدين (ط. س.) و(ع. ب.)، من قبل مكتب مكافحة المخدرات في الشمال، أحد أبرز هذه الأحداث أخيراً. يعمل المجنّدان في أحد مخافر الشمال، جاءت نتيجة الفحوص الطبية التي خضعا لها إيجابيةً للأسف. أثبتت الفحوص أن المجنّدين تعاطيا حشيشة الكيف. لكنّ رجال الأمن، في مقابل تلك الحادثة المخيبة، يتعرضون للمخاطر أثناء قيامهم بواجباتهم. أحد هؤلاء تعرّض للطعن بواسطة سكين، بعد خلاف مع أحد الأشخاص. وبعد المتابعة، نجحت إحدى دوريات فرع المعلومات في إلقاء القبض على المشتبه فيه، ليتبيّن لاحقاً أنه قاصر (17 عاماً)، فسلّمته إلى الفصيلة الإقليمية في الشمال. وبالنسبة إلى القاصرين أيضاً، برزت حادثة لافتة في هذا الإطار، في أيار المنصرم، حيث أوقفت شرطة بيروت قاصرين هما (ج. خ.) و(ج. ع.)، وذلك حسب أقوالهما، لعدم حيازتهما أي أوراق ثبوتية. تهمة القاصرين كانت لافتة هي الأخرى، إذ أوردت تقارير الشرطة أن الفتيان حاولا إضرام النيران في مستوعب للنفايات قرب إحدى الكنائس في الأشرفية. لم توضح التقارير السبب الذي دفع الفتيان إلى إحراق النفايات، اكتفت بالإشارة إلى وجود عدد كبيرٍ من السيارات المتوقفة إلى جانب النفايات، وقد ضبطت القاصرين، بالجرم المشهود، «إحدى دوريات الاستقصاء».
بالجرم المشهود
حالات أخرى كثيرة تؤكد فيها القوى الأمنية قبضها على المشتبه فيهم بالجرم المشهود. في منطقة الأونيسكو، أوقفت دورية تابعة لفرع المعلومات المواطن نبيل ب. (32 عاماً)، لقيادته حافلة صغيرة لنقل الركاب، من نوع فان هيونداي، مستخدماً أوراقاً مزورة تابعة لسيارة عادية من نوع تويوتا كامري. وفي الضاحية الجنوبية، في منطقة المشرفية، حاولت دورية أمنية أخرى تابعة لمكتب مكافحة المخدرات المركزي توقيف مطلوب للعدالة، فتجمهر عدد من المواطنين، وحاولوا منع الدورية من إكمال عملها، ما استدعى توقيف أربعة منهم. نقاط حراسة الجامعات كان لها حصتها من التوقيفات هي الأخرى، إذ أوقف محمد ع. الذي ادّعى أنه محام، ليتبيّن للحراس أنه لا يحمل بطاقة انتماء إلى نقابة المحامين، لا بل إنه لا يملك أوراق السيارة الضخمة التي يقودها. في منطقة القبة، واجهت دورية من فرع المعلومات صعوبة هي الأخرى في القبض على شخص ضبطته يسرق قطع سيارات من مرأب معدّ لبيعها. اضطر رجال الأمن إلى إطلاق عيارين ناريين في الهواء. أطلقت «الشرطة القضائية» النار، هي الأخرى، في منطقة حي السلم. كان ذلك في شارع الهبارية، أثناء محاولة مكتب مكافحة الإرهاب والجرائم الهامة إلقاء القبض على مطلوب بجرم مخدرات شوهد يتعاطى حشيشة الكيف علناً. مرّت النار بسلام، ولم يصب أحد بأذى. وفي سياق متصل، نجحت الشرطة القضائية في توقيف مطلوبين في الغبيري، ضبط في حوزتهما أحد عشر مظروفاً ورقياً تحتوي أربعة منها على مادة الهيرويين المخدرة، أما الباقية... فعثر فيها على «آثار مخدرات».


الموقوفون بتهمة العمالة في جناح «المعلومات»
أكد مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن الأرقام التي توزعها قوى الأمن الداخلي على وسائل الإعلام تندرج ضمن المهمات اليومية لقطعات قوى الأمن، مؤكداً أن نجاح القوى الأمنية اللافت، أخيراً، في توقيف عددٍ كبير من المشتبه في تعاملهم مع العدو الإسرائيلي لا ينضوي تحت هذه الأرقام. ولفت المسؤول الأمني إلى أن المشتبه فيهم بالتعامل مع العدو يحتجزون الآن «داخل نظارة شعبة المعلومات في السجن المركزي في رومية»، بغية فصلهم عن الموقوفين الآخرين بتهمٍ جنائية عادية، وذلك أثناء التحقيقات، حتى بعد انتهاء المحكمة العسكرية من تحقيقاتها معهم. تبيّن للقوى الأمنية ضرورة عزلهم عن الموقوفين الآخرين في سجن رومية المركزي، بعدما تلقّت القوى الأمنية كتاباً خاصاً من جمعية الصليب الأحمر الدولي، طالبت فيه المؤسسة الأمنية بنقل المتهمين بالتعامل مع العدو إلى أجنحة خاصة، نتيجة «العدوانية التي أبداها الموقوفون الآخرون تجاههم»، ما استدعى التجاوب من قوى الأمن الداخلي، وحجز الموقوفين بتهمة العمالة في جناح المعلومات.