نحو 300 قصة، بالعربية والفرنسية والإنكليزية، خطها تلامذة الصّفين السادس والسابع، في ثانوية السيدة للراهبات الأنطونيات في النبطية. قصص زينت رفوف معرضهم السنوي بمناسبة اختتام العام الدراسي، وتناولت مواضيع متنوعة كالسيرة الذاتية والتربية وحقوق الإنسانالنبطية ـــ كامل جابر
خيّم فرح ما بعده فرح على تلامذة صفّي السادس والسابع في ثانوية السيدة للراهبات الأنطونيات، وهم يشاهدون عناوين كتبهم التي ألفوها، تزيّن رفوق المعرض الختامي.
جاءت القصص «برغم تواضعها، استجابة، لتعميم أطلقته رئيسة الثانوية الأم لوسي عاقلة، في دفع التلامذة لخوض تجربة الكتابة، بغية الوقوف على مواهبهم، وتشجيعهم على البحث والتدقيق، واكتساب المعرفة. وكانت المفاجأة عظيمة، بعدما حمل إلينا التلامذة المتراوحة أعمارهم بين الثانية عشرة والثالثة عشرة، مؤلفات تنم عن الكثير من الإبداع والذكاء، وتشير إلى جماعة من الكتّاب الصغار»، تقول رئيسة القسم الأخت بول ماري بوشعيا.
وكانت لافتة، بين هذه الكتابات، تلك التي تندرج في إطار السير الذاتية.
صوفي نهرا، من الصف السابع، ألفت كتاباً عنوانه «أين نحن اليوم من أهلنا في الأمس» تتناول فيه السيرة الذاتية لعائلتها، شارحة «جميل جداً أن يكتب الإنسان عن نفسه، وخصوصاً أن القصة حقيقية تدور أحداثها في بيتنا وبيت جدي؛ أردت أن أتناول هذه التجربة كنموذج للعائلة الناجحة».
السيرة الذاتية أسلوب تعلمته صوفي في المدرسة كما تروي «طبّقنا توجيهات مدرّسة اللغة العربية التي لقّنتنا شروط كتابة القصة، والالتزام بالبنية السردية: الوضع الأول، العنصر الطارئ، العقدة، الحل، والوضع الأخير واستنتاج المغزى».
تقول صوفي في مقدمة قصتها: «منذ صغري، كنت أعيش بسعادة في بلدتي، التي سميت قديماً «بفروة» وحالياً «كفروة» (...) وفيها نهر مياهه عذبة، هو نهر الزهراني. هنا، يعيش الناس باستقرار واطمئنان».
تضيف صوفي: «أما عائلتي فتتألف من أربعة أشخاص: حنينة أمي، ربة منزل وأم حنون، تضحي لتربيتنا وتحمينا. يوسف، أبي، كان مختار هذه البلدة، وحالياً يعمل في بيع العقارات. أما أختي رشا، فهي أقرب شخص إلى قلبي. عندما أكون حزينة، تقف بجانبي، وقد حزنت لأنها تركتني واستقرت في بيروت كي تكمل تعليمها في الجامعة. أما أنا، صوفي، فعمري اثنتا عشرة سنة، وقد ولدت في شهر تشرين الثاني عام 1996، أرسلني أهلي إلى مدرسة خاصة في النبطية، وأنا أتعلم العزف على آلة العود».
«كلام الأم أرجَعهُ» عنوان قصة سحر محمود ترحيني (13 عاماً) من بلدة عبّا في قضاء النبطية. جعلت سحر الشمس والقمر بطلي قصتها؛ القمر فقد أمه، أصيب بصدمة لم يعد بعدها قادراً على الاحتمال فقرر الرحيل. القمر يتوه ويتخلى عن أصحابه ومحبيه ويتنكر لهم، تهتدي إليه الشمس فتعيده إلى رشده. «أحببت أن أبيّن دور الإخلاص والمحبة من خلال استخدام المثل الخرافي، وهو نموذج تعلمناه في المدرسة، لإيصال الفكرة. أنا أقرأ عادة القصص الواقعية وأتعلّق بها، لكن عندما وجهتنا المعلمة نحو كتابة القصة، أردت أن أستخدم نموذجاً مغايراً، فاخترت الخرافة»، كما تشرح.
كتبت سحر: «كل يوم، تشرق الشمس من وراء الجبال الشامخة، فتنير الأرض وتدخل الراحة إلى قلوب الناس، وتحيي الأطفال الذاهبين إلى مدارسهم متمنية لهم يوماً جميلاً. عرفت الشمس بطيبتها، وحسن تصرفاتها، وعاطفة قلبها القوية ورهافة مشاعرها، إذ كانت تحتضن كل يتيم، كل محتاج وكل يائس. وكالعادة، بعد نهار طويل مليء بالعناء، تودع الشمس سكان القرية لتنام تحت بساط البحر الأزرق، فيستقبلون القمر بأجمل العبارات، ويسهرون تحت ضوئه مسامرين نجومه، مقيمين الحفلات، فتعم الفرحة وتكتمل في قلوب القرويين».
أما حسين عبد الكريم طالب (13 عاماً) من بلدة جبشيت فقد اختار لقصته عنوان «كهف العلم». تأثر حسين بقصص موسوعة يملكها في مكتبته تتحدث عن المغامرات. وتتمحور قصته حول سامي، الفتى الكسول المولع بالحاسوب. قادته الطابة خلال اللعب وزميله وليد بالغابة نحو كهف مظلم فيه جماعة، لا يحبون الكسالى، فاحتجزوا سامي بعدما طلبوا من الصديقين قراءة بعض العبارات كامتحان، نجح وليد في تجاوزه بينما فشل هو.
لم يتخل وليد عن صديقه، أضرب عن الطعام حتى ساعدته والدته في إنقاذه، بعدما أخذت على عاتقها بأن يتعلم صديق ابنها القراءة والكتابة، وهكذا كان. «أردت أن ألقي الضوء على أهمية العلم، وكذلك الصداقة»، يقول حسين.
أما زميلهم صادق جابر، من النبطية، فقد اختار عنوان «المافيا» لقصته التي حملت الكثير من «الأكشن» الذي يبرر تأثره بالأفلام والقصص البوليسية. صادق يقول: «الرسالة التي أردت إيصالها، هي أن درب العنف على تعدد أنواعه، والمخدرات، تفضي إلى الهلاك والموت، وحده العلم الذي ينير الدروب الصالحة ويؤمن المستقبل الزاهر».


العنف لا يولّد سوى العنف
عن «التعامل مع الآخرين» حرّرت فاتن سلامة كتابها. وعن «اعتماد الحوار للتفاهم» كتبت: «كنت أتشاجر مع أختي، وسرعان ما تحوّل الشجار من كلام إلى ضرب من قبلها، فاحترت. لا أريد أن أضربها لأن العنف لا يولّد سوى العنف، فحاورتها. نجح الأمر، واتضح أن الحوار هو أفضل سبيل للتفاهم»