بيار الخوريلم تكن هذه الانتخابات الشنيعة في حملاتها والبغيضة في موبقاتها الطائفية، سوى استفتاء على أمرين: أولاً الذكريات المظلمة في عصبياتها الطائفية المطمورة في أذهان الناخبين، ومنها 7 أيار و5 حزيران. تواريخ مذلة وكئيبة لحضارة بشر اجتاحهم الحقد والخوف. إنّ ذكر هذه التواريخ وتكرارها دائماً، هو تسعير المذهبية وشحذ الهمم الانغلاقية. تواريخ مدهشة ومفجعة في الوقت نفسه، منتشرة بكثافة في أذهان المواطنين وكأنها ندوب معششة في عقولهم.
هذا هو علقم المذهبية. ثانياً الخوف من الآخر هو عنوان قبيح لحملات جميع مسؤولي «الأمة العظيمة». فئة تحذر مواطنيها من المد السني وتستشهد بتاريخ 5 شباط، وأخرى توبّخ من المد الشيعي حتى وصل بأحد مسؤولي حزب يميني فاشي وأحد مؤسسي حلف «تقوقعنا»، عفواً «لبناننا» للقول «يجب إقامة مطار في المناطق المسيحية خوفاً من «أنصار ولاية الفقيه».
الكل متواطئ في لعبة الأرقام والتواريخ. الخوف من الآخر موجود، وأبطاله حفنة من المنتخَبين حديثاً، ولهم أقول: لا نريد أن تجعلوا منا كمواطنين أناساً غرباء عن وطنهم كـ«الإخوة المستبعدين» (كما كانت الأقلية الصربية تسمّي نفسها في كوسوفو)، بل إخوة في المواطنية ملتفين بعضهم حول بعض بهدف حماية بعضهم بعضاً.