حسين سليمانيُعدّ قضاء بنت جبيل أبرز المناطق اللبنانية التي تضررت بفعل العدوان الإسرائيلي عام 2006. ومع هذا لم يُسمع صوت لأحد أبناء هذه المنطقة يلقي باللوم على المقاومة، بل انتفض هذا القضاء ونهض من بين الركام وعادت الحياة من جديد لتسري بين ربوعه ولتعطي صورة واضحة عن أبنائه المقاومين في شتى المجالات. بعد العدوان، راهن الكثيرون على أنّ شعبية المقاومة قد تراجعت في الجنوب عموماً، وفي قرى المنطقة الحدودية خصوصاً. ولعلّ بلدة عيتا الشعب تُقدّم جواباً واضحاً إلى هؤلاء. قال البعض إنّ نسبة التأييد للمقاومة قد تراجعت في عيتا الشعب بعد تموز 2006، وإنّ البلدة ستعاقب وتحاسب من يرون أنّه سبّب بطريقة أو بأخرى بعض الآلام، إلا أنّهم فوجئوا وبُهتوا في السابع من حزيران، حين خرج أهالي عيتا في مسيرات عفوية إلى صناديق الاقتراع وقد انتظر بعضهم أكثر من ثلاث ساعات ليضع ورقة في صندوق الاقتراع تُسهم ـــــ حسب قوله ـــــ في حماية الخط والسلاح الذي لولاه لما عاد حراً عزيزاً الى أرضه في أيار 2000 ولا في آب 2006.
أمّا المفاجأة الصاعقة التي ضربت بعض المتربّصين، فكانت عشية السابع من حزيران حين برزت نسبة التصويت المرتفعة والتي زادت عن 2005 لتلامس نسبة السبعين في المئة، ولعلّ بعض هؤلاء المراهنين مات خنقاً حين سمع بالنتائج النهائية حيث نالت لائحة المقاومة والتنمية في عيتا الشعب ما مجموعه 2587 صوتاً مقابل 5 أصوات فقط للائحة المنافسة، الأمر الذي يجزم بنسبة التفاف أهل الجنوب حول خيارهم الأساسي، وهذا ما بدا جلياً قبل إعلان النتائج حين كان العجزة يقولون كيف نبخل ببذل الأصوات على من زهد ببذل الدماء؟
نعم، هذا ما حصل في عيتا الشعب وهذا ما حصل في المناطق الحدودية وقرى قضاء بنت جبيل الذي نال فيه الفائز الأول على لائحة المقاومة والتنمية النائب حسن فضل الله 49852 صوتاً بينما نال أول المنافسين الخاسرين 616 صوتاً، ما يعني أن نسبة ما ناله أول الخاسرين تعادل 1،2% فقط مقارنةً بما نالته اللائحة الفائزة.
وقد يتساءل البعض عن سرّ الالتفاف الشعبي الكبير والاحتضان الواسع لخط المقاومة وخيارها في الجنوب. ولعل الجواب يُرى في الفلاح الغادي إلى حقله مع كل صباح باطمئنان، وفي التلميذ المثابر على مقاعد الدراسة ولا همّ له سوى النجاح، وفي الأهالي البائتين على فراشهم بلا أرق ولا خوف ما دام هناك مقاوم طلّقت مقلتاه النوم لأجلهم.