أسعد ذبيانيخبرني صديقي أنّ الجلسة مع والده الليلة أفضل بمليون مرّة من خروجنا إلى شوارع الحمراء والجميزة ووسط البلد لنشاهد حفلات الروك والجاز لمناسبة يوم الموسيقى العالمي، فأجيبه: «لا تعليق».
يسألني عباس عن رأيي بالصورة التي يضعها على صورة التعريف عنه على موقع الفايسبوك، والتي فيها إعلان ساخر لشركة DUREX المصنّعة للواقي الذكري، وتقول: «إلى جميع مستخدمي منتجاتنا، كل عيد أب وأنتم بخير». فلا يسعني سوى أن أقول: «جميل».
يتزامن عيد الأب مع عيد الموسيقى. منذ أسبوع كان «علي» يخبرنا أنّ أكثر ما يضايقه في طلاق والديه هو منظر عتبات منازل أصدقائه حين يزورهم. هناك، كان يجد دائماً كومة من الأحذية، بينها أحذية آبائهم، فيحسدهم.
عندما نطيل السهر، ونحن نطارد الملذات من شارع إلى شارع، غالباً ما يتصل والد أحد رفاقنا به يستعجله العودة إلى المنزل. في كل مرة، كان الرفيق «المستهدف» يردّ على اتصال الوالد، ثم لا يلبث أن يطلق بحقه وابلاً من الشتائم ما إن تنتهي المكالمة التي يقرّر بعدها إطفاء هاتفه. كان ذلك يستفزني. كنت أصرخ به أنّ عليه شكر القوة، أيّاً كانت، (أحياناً تكون الله) التي أبقت والده حياً، فهو لم يذق طعم خسارة الوالد ليعرف قيمته.
في غزة، مئات من الأولاد لا يعرفون آباءهم. في روما، وبرلين وباريس أيضاً، كثرٌ لا يعرفن آباءهم. في الحالة الأولى، لأنّ الآباء استخدموا الأحذية في محاربة الاحتلال الإسرائيلي، وفي الحالة الثانية، لأنّ الآباء نسوا استخدام منتجات DUREX.